غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا} (44)

ثم أضرب عن ذمهم باتخاذ الهوى إلهاً إلى نوع آخر أشنع في الظاهر قائلاً : { أم تحسب } وهي منقطعة ومعناه " بل " أيحسب وخص أكثرهم بالذكر إما لصون الكلام عن المنع على عادة الفصحاء العقلاء ، وإما لأن منهم من كان يعرف الحق إلا أن حب الرياسة يحمله على الخلاف . وإنما نفى عنهم السماع والعقل لانتفاء فائدتهما وأثرهما . وباقي الآية تفسيرها مذكور في آخر الأعراف في قوله { أولئك كالأنعام بل هم أضل } [ الأعراف : 179 ] قال جار الله : جعلوا أضل من الأنعام لأنها تنقاد لأربابها التي تعلفها وتعرف المحسن من المسيء وتجذب المنافع وتجتنب المضارّ وتهتدي للمراعي والمشارب ، وهؤلاء لا ينقادون لربهم ولا يعرفون إحسانه من إساءة الشيطان ، ولا يطلبون أعظم المنافع وهو الثواب ، ولا يتقون أشد المضارّ وهو العقاب ، ولا يهتدون للحق الذي هو المرتع الهنيّ والمشرب الرويّ ، قلت : ويحسن أيضاً أن يذكر في وجه التفضيل أن جهل الأنعام بسيط غير مضر وجهل هؤلاء مركب مضر . ومنهم من قال : إن الأنعام تسبح لله تعالى بخلاف الكفار .

/خ50