المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلۡعِجۡلَ سَيَنَالُهُمۡ غَضَبٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَذِلَّةٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُفۡتَرِينَ} (152)

152- إن الذين استمروا على اتخاذ العجل إلها ، كالسامري وأشياعه ، سينالهم غضب عظيم من ربهم في الدار الآخرة ، ومهانة شديدة في الحياة الدنيا ، بمثل ذلك الجزاء نجزى كل من اختلق الكذب على اللَّه وعبد غيره .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلۡعِجۡلَ سَيَنَالُهُمۡ غَضَبٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَذِلَّةٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُفۡتَرِينَ} (152)

ثم أصدر القرآن الكريم حكمه الفاصل في شأن عبدة العجل فقال تعالى :

{ إِنَّ الذين اتخذوا العجل سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الحياة الدنيا وَكَذَلِكَ نَجْزِي المفترين } .

والمعنى . إن الذين اتخذوا العجل معبودا ، واستمروا على ضلالتهم سيحيق بهم سخط شديد من ربهم ، ولا تقبل توبتهم إلا إذا قتلوا أنفسهم ، وسيصيبهم كذلك هوان وصغار في الحياة الدنيا ، وبمثل هذا الجزاء نجازى المفترين جميعا في كل زمان ومكان ، لخروجهم عن طاعتنا ، وتجاوزهم لحدودنا ، فهو جزاء متكرر كلما تكررت الجريمة من بنى إسرائيل وغيرهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلۡعِجۡلَ سَيَنَالُهُمۡ غَضَبٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَذِلَّةٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُفۡتَرِينَ} (152)

138

وهنا يجيء الحكم الفاصل ممن يملكه سبحانه ! ويتصل كلام الله سبحانه بما يحكيه القرآن الكريم من كلام عبده موسى ، على النسق الذي يتكرر في السياق القرآني :

( إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا . وكذلك نجزي المفترين . والذين عملوا السيئات ، ثم تابوا من بعدها وآمنوا ، إن ربك من بعدها لغفور رحيم ) . .

إنه حكم ووعد . . إن القوم الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا . . ذلك مع قيام القاعدة الدائمة : إن الذين يعملون السيئات ثم يتوبون يغفر الله لهم برحمته . . وإذن فقد علم الله أن الذين اتخذوا العجل لن يتوبوا توبة موصولة ؛ وأنهم سيرتكبون ما يخرجهم من تلك القاعدة . . وهكذا كان . فقد ظل بنو إسرائيل يرتكبون الخطيئة بعد الخطيئة ؛ ويسامحهم الله المرة بعد المرة . حتى انتهوا الى الغضب الدائم واللعنة الأخيرة :

( وكذلك نجزي المفترين ) . .

كل المفترين الى يوم الدين . . فهو جزاء متكرر كلما تكررت جريمة الافتراء على الله ، من بني إسرائيل ، ومن غير بني إسرائيل . .

ووعد الله صادق لا محالة . وقد كتب على الذين اتخذوا العجل الغضب والذلة . وكان آخر ما كتب الله عليهم أن يبعث عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب . فإذا بدا في فترة من فترات التاريخ أنهم يطغون في الأرض ؛ ويستعلون بنفوذهم على الأمميين - أو كما يقولون عنهم في التلمود : " الجوييم " ! - وأنهم يملكون سلطان المال ، وسلطان أجهزة الإعلام ؛ وأنهم يقيمون الأوضاع الحاكمة التي تنفذ لهم ما يريدون ؛ وأنهم يستذلون بعض عباد الله ويطردونهم من أرضهم وديارهم في وحشية ؛ والدول الضالة تساندهم وتؤيدهم . . . إلى آخر ما نراه في هذا الزمان . . فليس هذا بناقض لوعيد الله لهم ، ولا لما كتبه عليهم . . فهم بصفاتهم هذه وأفعالهم يختزنون النقمة في قلوب البشر ؛ ويهيئون الرصيد الذي يدمرهم من السخط والغضب . . إنما هم يستطيلون على الناس في فلسطين مثلا لأن الناس لم يعد لهم دين ! ولم يعودوا مسلمين ! . . إنهم يتفرقون ويتجمعون تحت رايات قومية جنسية ؛ ولا يتجمعون تحت راية العقيدة الاسلامية ! وهم من ثم يخيبون ويفشلون ؛ وتأكلهم إسرائيل ! غير أن هذه حال لن تدوم ! إنها فترة الغيبوبة عن السلاح الوحيد ، والمنهج الوحيد ، والراية الوحيدة ، التي غلبوا بها ألف عام ، والتي بها يغلبون ، وبغيرها يغلبون ! إنها فترة الغيبوبة بحكم السموم التي بثتها اليهودية والصليبية في كيان الأمة " الاسلامية " ! والتي تحرسها بالأوضاع التي تقيمها في هذه الأرض " الاسلامية " . . ولكن هذا كله لن يدوم . . ستجيء الصحوة من هذه الغيبوبة . . وسيفيء أخلاف المسلمين إلى سلاح أسلافهم المسلمين . . ومن يدري فقد تصحو البشرية كلها يوماً على طغيان اليهود ! لتحقق وعيد الله لهم ، وتردهم إلى الذلة التي كتبها الله عليهم . . فإن لم تصح البشرية فسيصحوا أخلاف المسلمين . . هذا عندنا يقين . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلۡعِجۡلَ سَيَنَالُهُمۡ غَضَبٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَذِلَّةٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُفۡتَرِينَ} (152)

{ إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم } وهو ما أمرهم به من قتل أنفسهم . { وذلة في الحياة الدنيا } وهي خروجهم من ديارهم . وقيل الجزية . { وكذلك نُجزي المفترين } على الله ولا فرية أعظم من فريتهم وهي قولهم هذا إلهكم وإله موسى ، ولعله لم يفتر مثلها أحد قبلهم ولا بعدهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلۡعِجۡلَ سَيَنَالُهُمۡ غَضَبٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَذِلَّةٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُفۡتَرِينَ} (152)

وقوله : { إن الذين اتخذوا العجل } الآية ، مخاطبة من الله لموسى عليه السلام لقوله : { سينالهم } ووقع ذلك النيل في عهد موسى عليه السلام ، و «الغضب والذلة » هو أمرهم بقتل أنفسهم هذا هو الظاهر ، وقال بعض المفسرين : الذلة الجزية ، ووجه هذا القول أن الغضب والذلة بقيت في عقب هؤلاء المقصودين بها أولاً وكأن المراد سينال أعقابهم ، وقال ابن جريج : الإشارة في قوله { الذين } إلى من مات من عبدة العجل قبل التوبة بقتل النفس وإلى من فر فلم يكن حاضراً وقت القتل .

قال القاضي أبو محمد : والغضب على هذا والذلة هو عذاب الآخرة ، والغضب من الله عز وجل إن أخذ بمعنى الإرادة فهو صفة ذات ، وإن أخذ بمعنى العقوبة وإحلال النقمة فهو صفة فعل ، وقوله : { وكذلك نجزي المفترين } المراد أولاً أولئك الذين افتروا على الله في عبادة العجل وتكون قوة اللفظ تعم كل مفتر إلى يوم القيامة ، وقد قال سفيان بن عيينة وأبو قلابة وغيرهما : كل صاحب بدعة أو فرية ذليل ، واستدلوا بالآية .