الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلۡعِجۡلَ سَيَنَالُهُمۡ غَضَبٞ مِّن رَّبِّهِمۡ وَذِلَّةٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُفۡتَرِينَ} (152)

قوله سبحانه : { إِنَّ الذين اتخذوا العجل سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الحياة الدنيا }[ الأعراف :152 ] .

وقد وقع ذلك النَّيْلُ بهم في عَهْدِ موسى عليه السلام ، فالغضبُ والذِّلَّة هو أمرهم بقَتْل أنفسهم ، وقال بعض المفسِّرين : الذِّلَّة : الجِزْيَة ، ووَجْه هذا القول أن الغضب والذِّلَّة بقيتْ في عَقِبِ هؤلاء ، وقال ابن جُرَيْج : الإِشارةُ إلى من مات من عَبَدة العجْل قبل التوبة بقَتْل الأنْفُس ، وإِلى مَنْ فَرَّ ، فلم يكُنْ حاضراً وقت القَتْلِ ، والغَضَبُ من اللَّه عزَّ وجلَّ ، إِن أخذ بمعنى الإِرادة ، فهو صفةُ ذات ، وإِن أُخِذ بمعنى العقوبةِ وإِحلالِ النِّقْمة ، فهو صفةُ فِعْلٍ ، وقوله : { وكذلك نَجْزِي المفترين } . المرادُ أَولاً أولئك الَّذين افتَرْوا عَلَى اللَّه سبحانَهُ في عبَادة العِجْل ، وتكونُ قوَّة اللفظ تَعُمُّ كُلَّ مفترٍ إلى يوم القيامة ، وقد قال سفيان بن عُيَيْنَة وأبو قِلاَبة وغيرهما : كلُّ صاحب بدعة أو فِرْيَة ذليلٌ ، واستدلوا بالآية .