المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ لَّوۡلَا يَأۡتُونَ عَلَيۡهِم بِسُلۡطَٰنِۭ بَيِّنٖۖ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (15)

15- ثم قال بعضهم لبعض : هؤلاء قومنا أشركوا بالله غيره ، هلاَّ يأتون على ألوهية من يعبدونهم من دون الله بحُجة ظاهرة ؟ إنهم لظالمون فيما فعلوا ، ولا أحد أشد ظلماً ممن افترى على الله كذباً بنسبة الشريك إليه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ لَّوۡلَا يَأۡتُونَ عَلَيۡهِم بِسُلۡطَٰنِۭ بَيِّنٖۖ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (15)

ثم حكى - سبحانه - عن هؤلاء الفتية أنهم لم يكتفوا بإعلان إيمانهم الصادق ، بل أضافوا إلى ذلك استنكارهم لما عليه قومهم من شرك فقال : { هؤلاء قَوْمُنَا اتخذوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ } .

و { هؤلاء } مبتدأ ، و { قومنا } عطف بيان ، وجملة { اتخذوا مِن دُونِهِ آلِهَةً } هى الخبر .

و " لولا " للتحضيض ، وهو الطلب بشدة والمقصود بالتحضيض هنا : الإِنكار والتعجيز ، إذ من المعلوم أن قومهم لن يستطيعوا أن يقيموا الدليل على صحة ما هم عليه من شرك .

والمراد بالسلطان البين : الحجة الواضحة .

أى : أن أولئك الفتية بعد أن اجتمعوا ، وتعاهدوا على عبادة الله - تعالى - وحده ، ونبذ الشرك والشركاء قالوا على سبيل الإِنكار والاحتقار لما عليه قومهم : هؤلاء قومنا بلغ بهم السفه والجهل ، أنهم اتخذوا مع الله - تعالى - أصناما يشركونها معه فى العبادة ، هلا أتى هؤلاء السفهاء بحجة ظاهرة تؤيد دعواهم بأن هذه الأصنام تصلح آلهة لا شك أنهم لن يستطيعوا ذلك .

قال صاحب الكشاف وقوله : { لَّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ } تبكيت لأن الإِتيان بالسلطان على صحة عبادة الأوثان محال ، وهو دليل على فساد التقليد ، وأنه لا بد فى الدين من حجة حتى يصح ويثبت .

وشبيه بهذه الآية فى تعجيز المشركين وتجهيلهم قوله تعالى : { قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ } وقوله - سبحانه - : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأرض أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السماوات ائتوني بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هاذآ أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة بما يدل على تكذيبهم لقومهم ، ووصفهم إياهم بالظلم فقال : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً } .

أى : لا أحد أشد ظلماً من قوم افتروا على الله - تعالى- الكذب ، حيث زعموا أن له شريكا فى العبادة والطاعة ، مع انه - جل وعلا - منزه عن الشريك والشركاء : { أَلاَ لَهُ الخلق والأمر تَبَارَكَ الله رَبُّ العالمين }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ لَّوۡلَا يَأۡتُونَ عَلَيۡهِم بِسُلۡطَٰنِۭ بَيِّنٖۖ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (15)

9

ثم يلتفتون إلى ما عليه قومهم فيستنكرونه ، ويستنكرون المنهج الذي يسلكونه في تكوين العقيدة :

( هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة . لولا يأتون عليهم بسلطان بين ? ) . .

فهذا هو طريق الاعتقاد : أن يكون للإنسان دليل قوي يستند إليه ، وبرهان له سلطان على النفوس والعقول . وإلا فهو الكذب الشنيع ، لأنه الكذب على الله : ( فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ? ) . .

وإلى هنا يبدو موقف الفتية واضحا صريحا حاسما ، لا تردد فيه ولا تلعثم . . إنهم فتية ، أشداء في أجسامهم ، أشداء في إيمانهم . أشداء في استنكار ما عليه قومهم . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ لَّوۡلَا يَأۡتُونَ عَلَيۡهِم بِسُلۡطَٰنِۭ بَيِّنٖۖ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (15)

{ هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ } أي : هَلا أقاموا على صحة ما ذهبوا إليه دليلا واضحًا صحيحًا ؟ ! { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا } يقولون : بل هم ظالمون كاذبون في قولهم ذلك ، فيقال : إن ملكهم لما دعوه إلى الإيمان بالله ، أبى عليهم ، وتَهَدّدهم وتوعدهم ، وأمر بنزع لباسهم عنهم الذي كان عليهم من زينة قومهم ، وأجَّلهم لينظروا في أمرهم ، لعلهم يراجعون دينهم الذي كانوا عليه . وكان هذا من لطف الله بهم ، فإنهم في تلك النظرة توصلوا إلى الهرب منه . والفرار بدينهم من الفتنة .

وهذا هو المشروع عند وقوع الفتن في الناس ، أن يفر العبد منهم خوفًا على دينه ، كما جاء في الحديث : " يوشك أن يكون خيرُ مال أحدكم غنمًا يتبع بها شغف الجبال ومواقع القَطْر ، يفر بدينه من الفتن " {[18019]} ففي هذه الحال تشرع العزلة عن الناس ، ولا تشرع فيما عداها ، لما يفوت بها من ترك الجماعات والجمع .


[18019]:رواه البخاري في صحيحه برقم (19) من حديث أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ لَّوۡلَا يَأۡتُونَ عَلَيۡهِم بِسُلۡطَٰنِۭ بَيِّنٖۖ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (15)

{ هؤلاء } مبتدأ . { قومُنا } عطف بيان . { اتخذوا من آلهة } خبره ، وهو إخبار في معنى إنكار . { لولا يأتون } هلا يأتون . { عليهم } على عبادتهم . { بسلطان بيّنٍ } ببرهان ظاهر فإن الدين لا يؤخذ إلا به ، وفيه دليل على أن ما لا دليل عليه من الديانات مردود وأن التقليد فيه غير جائز . { فمن أظلم ممّن افترى على الله كذبا } بنسبة الشريك إليه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ لَّوۡلَا يَأۡتُونَ عَلَيۡهِم بِسُلۡطَٰنِۭ بَيِّنٖۖ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (15)

وقولهم : { هؤلاء قومنا } مقالة تصلح أن تكون مما قالوا في مقامهم بين يدي الملك ، وتصلح أن تكون من قول بعضهم لبعض عند قيامهم للأمر الذي عزموا عليه ، وقولهم : { لولا يأتون } تحضيض بمعنى التعجيز ، لأنه تحضيض على ما لا يمكن ، وإذا لم يمكنهم ذلك لم يجب أن تلفت دعواهم ، و «السلطان » الحجة ، وقال قتادة : المعنى بعذر بين ، وهذه عبارة محلقة ، ثم عظموا جرم الداعين مع الله آلهة وظلمهم بقوله على جهة التقرير { فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً } .