جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ لَّوۡلَا يَأۡتُونَ عَلَيۡهِم بِسُلۡطَٰنِۭ بَيِّنٖۖ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (15)

القول في تأويل قوله تعالى : { هََؤُلآءِ قَوْمُنَا اتّخَذْواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ كَذِباً } .

يقول عزّ ذكره مخبرا عن قيل الفتية من أصحاب الكهف : هؤلاء قومنا اتخذوا من دون الله آلهة يعبدونها من دونه لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهمْ بسُلْطانٍ بَيّنٍ يقول : هلا يأتون على عبادتهم إياها بحجة بينة . وفي الكلام محذوف اجتزىء بما ظهر عما حذف ، وذلك في قوله : لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهمْ بسُلْطانٍ بَيّنٍ فالهاء والميم في عليهم من ذكر الاَلِهة ، والاَلهة لا يؤتى عليها بسلطان ، ولا يُسأل السلطان عليها ، وإنما يسأل عابدوها السلطان على عبادتهموها ، فمعلوم إذ كان الأمر كذلك ، أن معنى الكلام : لولا يأتون على عبادتهموها ، واتخاذهموها آلهة من دون الله بسلطان بين . وبنحو ما قلنا في معنى السلطان ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهمْ بسُلْطانٍ بَيّنٍ يقول : بعذر بين .

وعنى بقوله عزّ ذكره : فَمَنْ أظْلَمُ مِمّنْ افْتَرَى على اللّهِ كَذِبا ومن أشدّ اعتداء وإشراكا بالله ، ممن اختلق ، فتخرّص على الله كذبا ، وأشرك مع الله في سلطانه شريكا يعبده دونه ، ويتخده إلها .