البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ لَّوۡلَا يَأۡتُونَ عَلَيۡهِم بِسُلۡطَٰنِۭ بَيِّنٖۖ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (15)

ولما وحدوا الله تعالى ورفضوا ما دونه من الآلهة أخذوا في ذم قومهم وسوء فعلهم وأنهم لا حجة لهم في عبادة غير الله ، ثم عظموا جرم من افترى على الله كذباً وهذه المقالة يحتمل أن قالوها في مقامهم بين يديّ الملك تقبيحاً لما هو وقومهم عليه وذلك أبلغ في التبرّي من عبادة الأصنام ، وأفتّ في عضد الملك إذا اجترؤوا عليه بذم ما هو عليه ، ويحتمل أن قالوا ذلك عند قيامهم للأمر الذي عزموا عليه و { هؤلاء } مبتدأ .

و { قومنا } قال الحوفي : خبر و { اتخذوا } في موضع الحال .

وقال الزمخشري : وتبعه أبو البقاء : { قومنا } عطف بيان و { اتخذوا } في موضع الخبر .

والضمير في { من دونه } عائد على الله ، ولولا تحضيض صحبه الإنكار إذ يستحيل وقوع سلطان بيّن على ذلك فلا يمكن فيه التحضيض الصرف ، فحضوهم على ذلك على سبيل التعجيز لهم ، ومعنى { عليهم } على اتخاذهم آلهة و { اتخذوا } هنا يحتمل أن يكون بمعنى عملوا لأنها أصنام هم نحتوها ، وأن تكون بمعنى صيروا ، وفي ما ذكروه دليل على أن الدّين لا يؤخذ إلاّ بالحجة .

والدعوى إذا لم يكن عليها دليل فاسدة وهي ظلم وافتراء على الله وكذب بنسبة شركاء الله .