الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{هَـٰٓؤُلَآءِ قَوۡمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةٗۖ لَّوۡلَا يَأۡتُونَ عَلَيۡهِم بِسُلۡطَٰنِۭ بَيِّنٖۖ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (15)

قوله تعالى : { هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذْواْ } : يجوز في " قومُنا " أن يكونَ بدلاً أو بياناً ، و " اتَّخذوا " هو خبرُ " هؤلاء " ، ويجوز أن يكونَ " قومُنا " هو الخبرَ ، و " اتَّخذوا : حالاً . و " اتَّخذ " يجوزُ أَنْ يتعدَّى لواحدٍ بمعنى عَمِلوا ؛ لأنهم نَحَتوها بأيديهم ، ويجوز أَنْ تكونَ متعدِّيةً لاثنين بمعنى صَيَّروا ، و " مِنْ دونِه " هو الثاني قُدِّمَ ، و " آلهةً " هو الأولُ . وعلى الوجهِ الأولِ يجوز في " مِنْ دونِه " أن يتعلَّقَ ب " اتَّخذوا " ، وأن يتعلَّقَ بمحذوفٍ حالاً مِنْ " آلهة " إذ لو تأخَّر لجاز أن يكونَ صفوً ل " آلهةً " .

قوله : { لَّوْلاَ يَأْتُونَ } تخصيصٌ فيه معنى الإِنكار . و " عليهم " ، أي : على عبادتِهم أو على اتَّخاذهم ، فَحُذِفَ المضافُ للعِلْمِ به . ولا يجوز أن تكونَ هذه الجملةُ التخضيضية صفةً ل " آلهةً " لفساده معنى وصناعةً ، لأنها جملةٌ طلبيةٌ . فإنْ قلت : أُضْمِرُ قولاً كقوله :

جاؤُوا بِمَذْقٍ هل رَأَيْتَ الذئبَ قطّْ ***

لم يساعِدْك المعنى لفسادِه عليه .