المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (8)

8- يفترى بنو إسرائيل الكذب على الله ، لكي يُطفئوا نور دينه بأفواههم ، كمن يريد إطفاء نور الشمس بنفخة من فيه ، والله مكمل نوره بإتمام دينه ولو كره الجاحدون .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (8)

ثم بين - سبحانه - ما يهدف إليه هؤلاء الظالمون من رواء افترائهم الكذب على الدين الحق ، فقال - تعالى - : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ } .

والمراد بنور الله : دين الإسلام الذى ارتضاه - سبحانه - لعباده دينا ، وبعث به رسوله - صلى الله عليه وسلم - وقيل المراد به : حججه الدالة على وحدانيته - تعالى - وقيل المراد به : القرآن . . . وهى معان متقاربة .

والمراد بإطفاء نور الله : محاولة طمسه وإبطاله والقضاء عليه ، بكل وسيلة يستطيعها أعداؤه ، كإثارتهم للشبهات من حول تعاليمه ، وكتحريضهم لمن كان على شاكلتهم فى الضلال على محاربته .

والمراد بأفواههم : أقوالهم الباطلة الخارجة من تلك الأفواه التى تنطق بما لا وزن له من الكلام .

والمعنى : يريد هؤلاء الكافرون بالحق ، أن يقضوا على دين الإسلام ، وأن يطمسوا تعاليمه السامية التى جاء بها النبى - صلى الله عليه وسلم - عن طريق أقاويلهم الباطلة الصادرة عن أفواههم ، من غير أن يكون لها مصداق من الواقع تنبق عليه ، أو أصل تستند إليه ، وإنما هى أقوال من قبيل اللغو الساقط المهمل الذى لا وزن له ولا قيمة .

قال صاحب الكشاف : مثَّل حالهم فى طلبهم إبطال نبوة النبى - صلى الله عليه وسلم - بالتكذيب ، بحال من يريد أن ينفخ فى نور عظيم منبثق فى الآفاق يريد الله أن يزيده ويبلغه الغاية القصوى فى الإشراق أو الإضاءة ، ليطفئه بنفخه ويطمسه .

والجملة الكريمة فيها ما فيها من التهكم والاستهزاء بهؤلاء الكافرين ، حيث شبههم - سبحانه - فى جهالاتهم وغفلتهم ، بحال من يريد إطفاء نور الشمس الوهاج ، بنفخة من فمه الذى لا يستطيع إطفاء ما هو دون ذلك بما لا يحصى من المرات .

وقوله - تعالى - : { والله مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الكافرون } بشارة للمؤمنين بأن ما هم عليه من حق ، لا بد أن يعم الآفاق .

أى : والله - تعالى - بقدرته التى لا يعجزها شىء ، متم نوره ، ومظهر دينه ومؤيد نبيه - صلى الله عليه وسلم - ولو كره الكافرون ذلك فإن كراهيتهم لظهور دين الله - تعالى - لا أثر لها ولا قيمة .

فالآية الكريمة وعد من الله - تعالى - للمؤمنين ، بإظهار دينهم ، وإعلاء كلمتهم ، لكى يزيدهم ذلك ثباتا على ثباتهم ، وقوة على قوتهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (8)

( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم . والله متم نوره ولو كره الكافرون ) . .

وهذا النص القرآني يعبر عن حقيقة ، ويرسم في الوقت ذاته صورة تدعو إلى الرثاء والاستهزاء ! فهي حقيقة أنهم كانوا يقولون بأفواههم : ( هذا سحر مبين ) . . ويدسون ويكيدون محاولين القضاء على الدين الجديد . وهي صورة بائسة لهم وهم يحاولون إطفاء نور الله بنفخة من أفواههم وهم هم الضعاف المهازيل !

( والله متم نوره ولو كره الكافرون ) . . وصدق وعد الله . أتم نوره في حياة الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] فأقام الجماعة الإسلامية صورة حية واقعة من المنهج الإلهي المختار . صورة ذات معالم واضحة وحدود مرسومة ، تترسمها الأجيال لا نظرية في بطون الكتب ، ولكن حقيقة في عالم الواقع . وأتم نوره فأكمل للمسلمين دينهم وأتم عليهم نعمته ورضي لهم الإسلام دينا يحبونه ، ويجاهدون في سبيله ، ويرضى أحدهم أن يلقى في النار ولا يعود إلى الكفر . فتمت حقيقة الدين في القلوب وفي الأرض سواء . وما تزال هذه الحقيقة تنبعث بين الحين والحين . وتنبض وتنتفض قائمة - على الرغم من كل ما جرد على الإسلام والمسلمين من حرب وكيد وتنكيل وتشريد وبطش شديد . لأن نور الله لا يمكن أن تطفئه الأفواه ، ولا أن تطمسه كذلك النار والحديد ، في أيدي العبيد ! وإن خيل للطغاة الجبارين ، وللأبطال المصنوعين على أعين الصليبيين واليهود أنهم بالغو هذا الهدف البعيد !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (8)

ثم قال : { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ } أي : يحاولون{[28795]} أن يَرُدّوا الحق بالباطل ، ومثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس بفيه ، وكما أن هذا مستحيل كذلك ذاك مستحيل{[28796]} ؛

ولهذا قال : { وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } وقد تقدم الكلام على هاتين الآيتين في سورة " براءة " ، بما فيه كفاية ، ولله الحمد والمنة{[28797]} .


[28795]:- (1) في أ: "أي يجادلون".
[28796]:- (2) في م، أ: "كذاك ذلك".
[28797]:- (3) في أ: "والله أعلم".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (8)

{ يريدون ليطفئوا } أي يريدون أن يطفئوا واللام مزيدة لما فيها من معنى الإرادة تأكيدا لها كما زيدت لما فيها من معنى الاضافة تأكيدا لها في لا أبا لك أو يريدون الافتراء ليطفئوا { نور الله }يعني دينه أو كتابه أو حجته { بأفواههم }بطعنهم فيه ، { والله متم نوره } مبلغ غايته بنشره وإعلائه ، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وحفص بالإضافة ، { ولو كره الكافرون } إرغاما لهم .