تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (8)

الآية 8 وقوله تعالى : { والله متم نوره } له أوجه :

أحدها : بالحجج والبراهين .

والثاني : بنصر أهله وغلبتهم{[21147]} .

والثالث : بإظهاره في الأماكن كلها .

فإن كان ذلك على النصر والغلبة فقد كان حتى كان المشركون{[21148]} في خوف ، والمسلمون في أمن . ألا ترى إلى قوله تعالى : { ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله } ؟ [ الرعد : 31 ] وإلى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : " نصرت بالرعب مسرة شهرين " ؟ [ الطبراني في الكبير 11056 ] .

وإن كان بالحجج فقد [ كان ]{[21149]} أيضا لأنهم عجزوا عن أن يأتوا بما يشبه أن يكون مثلا له فضلا عن أن يأتوا بمثله . فدل أنه قد أتم نوره بالنصر والغلبة والبراهين والحجج .

وإن كان المراد منه إظهاره فإنه يرجئ أن يظهره على ما روي أنه إذا نزل عيسى ، صلوات الله عليه ، لم يبق على وجه الأرض إلا دين الإسلام .

وقوله تعالى : { والله متم نوره } ليس فيه أنه كان به شيء من الكدر ، فصفاه ، ولكن على ما ذكرنا من التأويل فكذلك : لا يجب أن يفهم من قوله : { اليوم أكملت لكم دينكم } [ المائدة : 3 ] أنه كان ناقصا ، فأكمله بالشرائع ، ولكنه على هذه الوجوه ، يعني أظهر الدين بالشرائع التي وصفناها من قوله : { والله متم نوره } والله أعلم .

وقوله تعالى : { ولو كره الكافرون } وقال حين ذكر الإظهار{ ولو كره المشركون } [ الآية : 9 ] لأن هؤلاء كفروا بالرسول والكتاب [ وكذلك بنعم ]{[21150]} الله تعالى فقال : { ولو كره الكافرون } وأولئك أشركوا به في التوحيد فقال : { ولو كره المشركون } والله اعلم .


[21147]:في الأصل و م: وغلبته
[21148]:في الأصل و م: المشركين
[21149]:ساقطة من الأصل و م.
[21150]:في الأصل و م: وذلك نعم.