النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (8)

{ يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم } الآية . والإطفاء هو الإخماد ، ويستعملان في النار ، ويستعاران فيما يجري مجراها من الضياء والنور .

والفرق بين الإطفاء والإخماد من وجه وهو أن الإطفاء يستعمل في القليل والكثير ، والإخماد يستعمل في الكثير دون القليل ، فيقال أطفأت السراج ولا يقال أخمدت السراج .

وفي { نور الله } ها هنا خمسة أقاويل :

أحدها : القرآن ، يريدون إبطاله بالقول ، قاله ابن زيد .

الثاني : أنه الإسلام ، يريدون دفعه بالكلام ، قاله السدي .

الثالث : أنه محمد صلى الله عليه وسلم يريدون هلاكه بالأراجيف ، قاله الضحاك .

الرابع : أنه حجج الله ودلائله ، يريدون إبطالها بإنكارهم وتكذبيهم ، قاله ابن بحر .

الخامس : أنه مثل مضروب ، أي من أراد إطفاء نور الشمس بفيه فوجده مستحيلاً ممتنعاً فكذلك من أراد إبطال الحق ، حكاه ابن عيسى .

وسبب نزول هذه الآية ما حكاه عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطأ عليه الوحي أربعين يوماً ، فقال كعب بن الأشرف :

يا معشر اليهود ابشروا فقد أطفأ الله نور محمد فيما كان ينزل عليه ، وما كان الله ليتم أمره ، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك ، فأنزل الله هذه الآية ، ثم اتصل الوحي بعدها{[2974]} .


[2974]:من قوله: يريدون ليطفئوا إلى هنا نقله القرطبي حرفيا وعزاه إلى المؤلف انظر تفسيره 18/ 85.