فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يُرِيدُونَ لِيُطۡفِـُٔواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (8)

{ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ الله بأفواههم } الإطفاء : الإخماد ، وأصله في النار ، واستعير لما يجري مجراها من الظهور . والمراد بنور الله : القرآن : أي يريدون إبطاله وتكذيبه بالقول ، أو الإسلام ، أو محمد صلى الله عليه وسلم ، أو الحجج والدلائل ، أو جميع ما ذكر ، ومعنى { بأفواههم } : بأقوالهم الخارجة من أفواههم المتضمنة للطعن { والله مُتِمُّ نُورِهِ } بإظهاره في الآفاق وإعلائه على غيره . قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم : { مُتمّ نُورِهِ } بالإضافة والباقون بتنوين «متمّ » { وَلَوْ كَرِهَ الكافرون } ذلك فإنه كائن لا محالة ، والجملة في محل نصب على الحال . قال ابن عطية : واللام في { ليطفئوا } لام مؤكدة دخلت على المفعول ، لأن التقدير : يريدون أن يطفئوا ، وأكثر ما تلزم هذه اللام المفعول إذا تقدّم ، كقولك : لزيد ضربت ، ولرؤيتك قصدت ، وقيل : هي لام العلة ، والمفعول محذوف : أي يريدون إبطال القرآن أو دفع الإسلام أو هلاك الرسول ليطفئوا ، وقيل : إنها بمعنى أن الناصبة وأنها ناصبة بنفسها . قال الفراء : العرب تجعل لام كي في موضع أن في أراد وأمر ، وإليه ذهب الكسائي ، ومثل هذا قوله : { يُرِيدُ الله لِيُبَيّنَ لَكُمْ } [ النساء : 26 ] .

/خ9