المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ يُجۡزَوۡنَ ٱلۡغُرۡفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوۡنَ فِيهَا تَحِيَّةٗ وَسَلَٰمًا} (75)

75- هؤلاء الموصوفون بما وصفناهم عباد الله حقاً ، وجزاؤهم غرف الجنة العالية كفاء صبرهم على الطاعات ، وسيلقون في الجنة التحية والتسليم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ يُجۡزَوۡنَ ٱلۡغُرۡفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوۡنَ فِيهَا تَحِيَّةٗ وَسَلَٰمًا} (75)

لقد بين - سبحانه - ما أعده فهم فقال : { أولئك يُجْزَوْنَ الغرفة بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } .

والغرفة فى الأصل : كل بناء مرتفع ، والجمع غرف وغرفات كما فى قوله - تعالى - : { لكن الذين اتقوا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ } وقوله - سبحانه - : { وَهُمْ فِي الغرفات آمِنُونَ } والمراد بها هنا : أعلى منازل الجنة أو الجنة نفسها أو جنسها الصادق بغرف كثيرة .

أى : أولئك المتقون المتصفون . بالصفات السابقة ، يجازيهم الله - تعالى - بأعلى المنازل والدرجات فى الجنة ، بسبب صبرهم على طاعته ، وبعدهم عن معصيته ويلقون فى تلك المنازل الرفيعة { تَحِيَّةً وَسَلاَماً } عن ربهم - عز وجل - ومن ملائكته الكرام ، ومن بعضهم لبعض .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ يُجۡزَوۡنَ ٱلۡغُرۡفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوۡنَ فِيهَا تَحِيَّةٗ وَسَلَٰمًا} (75)

63

فأما جزاء عباد الرحمن فيختم به هذا البيان :

( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ، ويلقون فيها تحية وسلاما ، خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما ) . .

والغرفة ربما كان المقصود بها الجنة ، أو المكان الخاص في الجنة ، كما أن الغرفة أكرم من البهو فيما اعتاد الناس في البيوت في هذه الأرض ، عندما يستقبلون الأضياف . وأولئك الكرام الذين سبقت صفاتهم وسماتهم ، يستقبلون في الغرفة بالتحية والسلام ، جزاء ما صبروا على تلك الصفات والسمات . وهو تعبير ذو دلالة . فهذه العزائم تحتاج إلى الصبر على شهوات النفس ، ومغريات الحياة ، ودوافع السقوط . والاستقامة جهد لا يقدر عليه إلا بالصبر . الصبر الذي يستحق أن يذكره الله في هذا الفرقان .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ يُجۡزَوۡنَ ٱلۡغُرۡفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوۡنَ فِيهَا تَحِيَّةٗ وَسَلَٰمًا} (75)

لما ذكر تعالى من أوصاف عباده المؤمنين ما ذكر من [ هذه ]{[21683]} الصفات الجميلة ، والأفعال والأقوال{[21684]} الجليلة{[21685]} - قال بعد ذلك كله : { أُوْلَئِك } أي : المتصفون بهذه { يُجْزَوْن } أي : يوم القيامة { الْغُرْفَةَ } وهي الجنة .

قال أبو جعفر الباقر ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، والسُّدِّيّ : سميت بذلك لارتفاعها .

{ بِمَا صَبَرُوا } أي : على القيام بذلك { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا } أي : في الجنة { تَحِيَّةً وَسَلامًا } أي : يُبْتَدرُون{[21686]} فيها بالتحية والإكرام ، ويلقون [ فيها ]{[21687]} التوقير والاحترام ، فلهم السلام وعليهم السلام ، فإن الملائكة يدخلون عليهم من كل باب ، سلام عليكم بما صبرتم ، فنعم عقبى الدار .


[21683]:- زيادة من ف ، أ.
[21684]:- في ف ، أ : "الأقوال والأفعال".
[21685]:- في أ : "الجميلة".
[21686]:- في أ : "يبتدون".
[21687]:- زيادة من ف ، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ يُجۡزَوۡنَ ٱلۡغُرۡفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوۡنَ فِيهَا تَحِيَّةٗ وَسَلَٰمًا} (75)

القول في تأويل قوله تعالى : { أُوْلََئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقّوْنَ فِيهَا تَحِيّةً وَسَلاَماً } .

يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين وصفت صفتهم من عبادي ، وذلك من ابتداء قوله : وَعِبادُ الرّحْمَنِ الّذِينَ يَمْشُونَ على الأرْضِ هَوْنا . . . إلى قوله : وَالّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنا هَبْ لَنا مِنْ أزْوَاجِنا . . . الاَية يُجْزَوْنَ يقول : يُثابون على أفعالهم هذه التي فعلوها في الدنيا الغُرْفَةَ وهي منزلة من منازل الجنة رفيعة بِمَا صَبرُوا يقول : بصبرهم على هذه الأفعال ، ومقاساة شدتها . وقوله : وَيُلَقّوْنَ فِيها تَحِيّةً وَسَلاما اختلفت القرّاء في قراءته ، فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة : وَيُلَقّوْنَ مضمومة الياء ، مشدّدة القاف ، بمعنى : وتتلقاهم الملائكة فيها بالتحية . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : «ويَلْقَوْنَ » بفتح الياء ، وتخفيف القاف .

والصواب من القول في ذلك أن يقال : إنهما قراءتان مشهورتان في قَرَأَة الأمصار ، بمعنى واحد ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، غير أن أعجب القراءتين إليّ أن أقرأ بها «وَيَلْقَوْنَ فِيها » بفتح الياء ، وتخفيف القاف ، لأن العرب إذا قالت ذلك بالتشديد ، قالت : فلان يُتَلَقّى بالسلام وبالخير ، ونحن نَتَلقاهم بالسلام ، قرنته بالياء ، وقلما تقول : فلان يُلَقّى السلام ، فكان وجه الكلام ، لو كان بالتشديد ، أن يقال : ويُتَلَقّون فيها بالتحية والسلام . وإنما اخترنا القراءة بذلك ، كما تجيز : أخذت بالخطام ، وأخذتُ الخطام . وقد بيّنا معنى التحية والسلام فيما مضى قبل ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ يُجۡزَوۡنَ ٱلۡغُرۡفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوۡنَ فِيهَا تَحِيَّةٗ وَسَلَٰمًا} (75)

قرأ أبي كعب «يجازون » بألف ، و { الغرفة } من منازل الجنة وهي الغرفة فوق الغرف وهو اسم الجنة كما قال : [ الهزج ]

ولولا الحبة السمراء . . . لم نحلل بواديكم{[8891]}

وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو «ويُلَقّون » بضم الياء وفتح اللام وشد القاف وهي قراءة أبي جعفر وشيبة والحسن ، وقرأ حمزة والكسائي وابن عامر وعاصم وطلحة ومحمد اليماني ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم «ويلْقون » بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف ، واختلف عن عاصم{[8892]} .


[8891]:الحبة: واحدة الحب، وهو ما يكون في السنبل والأكمام كالقمح والشعير، وجمع الحب: حبوب، والحلول: النزول، والشاهد أن الحبة: اسم جنس كالغرفة.
[8892]:لأن القراءة الثابتة في المصحف عن عاصم من طريق حفص جاءت بضم الياء وتشديد القاف.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ يُجۡزَوۡنَ ٱلۡغُرۡفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوۡنَ فِيهَا تَحِيَّةٗ وَسَلَٰمًا} (75)

التصدير باسم الإشارة للتنبيه على أن ما يَرد بعده كانوا أحرياء به لأجل ما ذُكر قبل اسم الإشارة . وتلك مجموع إحدى عشرة خصلة وهي : التواضع ، والحلم ، والتهجد ، والخوف ، وترك الإسراف ، وترك الإقتار ، والتنزه عن الشرك ، وترك الزنا ، وترك قتل النفس ، والتوبةُ ، وترك الكذب ، والعفوُ عن المسيء ، وقبولُ دعوة الحق ، وإظهار الاحتياج إلى الله بالدعاء . واسم الإشارة هو الخبر عن قوله { وعباد الرحمن } [ الفرقان : 63 ] كما تقدم على أرجح الوجهين .

و { الغرفة } : البيت المعتلي يصعد إليه بدرج وهو أعزّ منزلاً من البيت الأرضي . والتعريف في الغرفة تعريفُ الجنس فيستوي فيه المفرد والجمع مثل قوله تعالى : { وأنزلنا معهم الكتاب } [ الحديد : 25 ] فالمعنى : يُجزون الغُرَف ، أي من الجنة ، قال تعالى : { وهم في الغُرفات آمنون } [ سبأ : 37 ] .

والباء للسببية . و ( ما ) مصدرية في قوله : { بما صبروا } ، أي بصبرهم وهو صبرهم على ما لقوا من المشركين من أذى ، وصبرُهم على كبح شهواتهم لأجل إقامة شرائع الإسلام ، وصبرهم على مشقة الطاعات .

وقرأ الجمهور : { وَيُلقون } بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف المفتوحة مضارع لقّاه إذا جعله لاقياً . وقرأه حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وخلف { ويَلْقَون } بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف المفتوحة مضارع لَقِيَ . وَاللُّقِيُّ واللِّقَاء : استقبال شيء ومصادفته ، وتقدم في قوله تعالى : { واتقوا الله واعلموا أنكم مُلاقوه } في سورة البقرة ( 223 ) ، وفي قوله : { يأيها الذين آمنوا إذا لَقِيتُم الذين كفروا زحْفاً } في سورة الأنفال ( 15 ) ، وتقدم قريباً قوله تعالى : { ومن يفعل ذلك يلقَ أثاماً } [ الفرقان : 68 ] .

وقد استعير اللُّقِيّ لسماع التحية والسلام ، أي أنهم يسمعون ذلك في الجنة من غير أن يدخلوا على بأس أو يدخل عليهم بأس بل هم مصادفون تحية إكرام وثناء مثل تحيات العظماء والملوك التي يرتلها الشعراء والمنشدون .

ويجوز أن يكون إطلاق اللُّقِيّ لسماع ألفاظ التحية والسلام لأجل الإيماء إلى أنهم يسمعون التحية من الملائكة يَلْقَوْنَهم بها ، فهو مجاز بالحذف قال تعالى : { وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون } في سورة الأنبياء ( 103 ) .