المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (70)

70- ولكن مَن تاب من هذه الذنوب ، وصدق في إيمانه ، وأَتبعَ ذلك بالطاعات والأعمال الصالحة ، فهؤلاء يغفر لهم رحمة منه ، ويجعل لهم مكان السيئات السالفة حسنات يثيبهم عليها أجزل الثواب ، وأن الله من شأنه الرحمة والغفران .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (70)

ثم استثنى - سبحانه - التائبين من هذا العذاب المهين فقال : { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فأولئك يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ . . . } .

أى : يضاعف العذاب لمن يرتكب شيئا من تلك الكبائر . ويخلد فيه مهانا ، إلا من تاب عنها توبة صادقة نصوحا ، وآمن بالله - تعالى - إيمانا حقا ، وداوم على إتيان الأعمال الصالحة ، فأولئك التائبون المؤمنون المواظبون على العمل الصالح " يبدل الله - تعالى - سيئاتهم حسنات " بأن يمحو - سبحانه - سوابق معاصيهم - بفضله وكرمه - ويثبت بدلها لواحق طاعاتهم ، أو بأن يحبب إليهم الإيمان ، ويكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان ، ويجعلهم من الراشدين .

قال الإمام ابن كثير ما ملخصه : وقوله : { فأولئك يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً } فى معناه قولان :

أحدهما : أنهم بدلوا مكان عمل السيئات بعمل الصالحات . قال ابن عباس : هم المؤمنون . كانوا من قبل إيمانهم على السيئات ، فرغب الله بهم عن ذلك فحولهم إلى الحسنات فأبدلهم مكان السيئات الحسنات . .

والثانى : أن تلك السيئات الماضية تنقلب بنفس التوبة النصوح حسنات ، وما ذاك إلا أنه كلما تذكر ما مضى ندم واسترجع واستغفر فينقلب الذنب طاعة بهذا الاعتبار . .

روى الطبرانى عن أبى فروة أنه أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : " أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها ، ولم يترك حاجة ولا داجة فهل له من توبة ؟ فقال له صلى الله عليه وسلم : " أأسلمت ؟ " قال : نعم .

قال : فافعل الخيرات ، واترك السيئات . فيجعلها الله لك خيرات كلها .

قال : " وغدراتى وفجراتى ؟ قال : نعم . " فما زال يكبر حتى توارى " .

وقوله - تعالى - : { وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً } اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبله . أى : وكان الله - تعالى - واسع المغفرة والرحمة لمن تاب إليه وأناب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (70)

63

ثم يفتح باب التوبة لمن أراد أن ينجو من هذا المصير المسيء بالتوبة والإيمان الصحيح والعمل الصالح : ( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا )ويعد التائبين المؤمنين العاملين أن يبدل ما عملوه من سيئات قبل التوبة حسنات بعدها تضاف إلى حسناتهم الجديدة : ( فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ) . وهو فيض من عطاء الله لا مقابل له من عمل العبد إلا أنه اهتدى ورجع عن الضلال ، وثاب إلى حمى الله ، ولاذ به بعد الشرود والمتاهة . ( وكان الله غفورا رحيما ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (70)

وقوله : { إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ [ عَمَلا ] صَالِحًا } {[21620]} أي : جزاؤه على ما فعل من هذه الصفات القبيحة ما ذكر { إِلا مَنْ تَابَ } في الدنيا إلى الله{[21621]} من جميع ذلك ، فإن الله يتوب عليه .

وفي ذلك دلالة على صحة توبة القاتل ، ولا تعارض{[21622]} بين هذه وبين آية النساء : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } [ النساء : 93 ] فإن هذه

وإن كانت مدنية إلا أنها مطلقة ، فتحمل على من لم يتب ، لأن هذه مقيدة بالتوبة ، ثم قد قال [ الله ]{[21623]} تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } [ النساء : 48 ، 116 ] .

وقد ثبتت السنة الصحيحة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحة توبة القاتل ، كما ذكر مقررا من قصة الذي قتل مائة رجل ثم تاب ، وقبل منه ، وغير ذلك من الأحاديث .

وقوله : { فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } : في معنى قوله : { يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } قولان :

أحدهما : أنهم بدلوا مكان عمل السيئات بعمل الحسنات . قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : { فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } قال : هم المؤمنون ، كانوا من قبل إيمانهم على السيئات ، فرغب الله بهم عن ذلك فحوَّلهم إلى الحسنات ، فأبدلهم مكان السيئات الحسنات .

وروى مجاهد ، عن ابن عباس أنه كان ينشد عند هذه الآية :

بُدّلْنَ بَعْدَ حَرِّهِ خَريفا{[21624]} *** وَبَعْدَ طُول النَّفَس الوَجيفَا{[21625]}

يعني : تغيرت تلك الأحوال إلى غيرها .

وقال عطاء بن أبي رباح : هذا في الدنيا{[21626]} ، يكون الرجل على هيئة قبيحة ، ثم يبدله الله بها خيرا .

وقال سعيد بن جبير : أبدلهم بعبادة الأوثان عبادة الله ، وأبدلهم{[21627]} بقتال المسلمين قتالا مع المسلمين للمشركين ، وأبدلهم بنكاح المشركات نكاح المؤمنات .

وقال الحسن البصري : أبدلهم الله بالعمل السيئ العمل الصالح ، وأبدلهم بالشرك إخلاصا ، وأبدلهم بالفجور إحصانا وبالكفر إسلاما .

وهذا قول أبي العالية ، وقتادة ، وجماعة آخرين .

والقول الثاني : أن تلك السيئات الماضية تنقلب بنفس التوبة النصوح حسنات ، وما ذاك إلا أنه كلما تذكر ما مضى ندم واسترجع واستغفر ، فينقلب الذنب طاعة بهذا الاعتبار . فيوم القيامة وإن وجده مكتوبا عليه لكنه لا يضره وينقلب حسنة في صحيفته ، كما ثبتت السنة بذلك ، وصحت به الآثار المروية عن السلف ، رحمهم الله تعالى - وهذا سياق الحديث - قال الإمام أحمد :

حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن المعرور بن سُوَيْد ، عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار ، وآخر أهل الجنة دخولا إلى الجنة : يؤتى برجل فيقول : نَحّوا كبار ذنوبه وسلوه عن صغارها ، قال : فيقال له : عملت يوم كذا وكذا كذا ، وعملت يوم كذا وكذا كذا ؟ فيقول : نعم - لا يستطيع أن ينكر من ذلك شيئا -

فيقال : فإن لك بكل سيئة حسنة . فيقول : يا رب ، عملت أشياء لا أراها هاهنا " . قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه . وانفرد به مسلم{[21628]} .

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا هاشم بن يزيد ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثني أبي ، حدثني ضَمْضَم بن زرعة ، عن شُرَيْح بن عبيد{[21629]} عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا نام ابن آدم قال الملك للشيطان : أعطني صحيفتك . فيعطيه إياها ، فما وجد في صحيفته من حسنة محا بها عشر سيئات من صحيفة الشيطان ، وكتبهن حسنات ، فإذا أراد أن ينام أحدكم فليكبر ثلاثًا وثلاثين تكبيرة ، ويحمد أربعا وثلاثين تحميدة ، ويسبح ثلاثًا وثلاثين تسبيحة ، فتلك مائة " {[21630]} .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو سلمة وعارم قالا حدثنا ثابت - يعني : ابن يزيد أبو زيد - حدثنا عاصم ، عن أبي عثمان ، عن سلمان قال : يعطى رجل يوم القيامة صحيفته فيقرأ أعلاها ، فإذا سيئاته{[21631]} ، فإذا كاد{[21632]} يسوء ظنه نظر{[21633]} في أسفلها فإذا حسناته ، ثم ينظر في أعلاها فإذا هي قد بدلت حسنات .

وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا سليمان بن موسى الزهري أبو داود ، حدثنا أبو العَنْبَس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : ليأتين الله عز وجل بأناس{[21634]} يوم القيامة رأوا أنهم قد استكثروا من السيئات ، قيل : مَنْ هم يا أبا هريرة ؟ قال : الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات .

وقال أيضا : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن أبي زياد ، حدثنا سَيَّار ، حدثنا جعفر ، حدثنا أبو حمزة ، عن أبي الضيف - وكان من أصحاب معاذ بن جبل - قال : يدخل أهل الجنة الجنة على أربعة أصناف : المتقين ، ثم الشاكرين ، ثم الخائفين ، ثم أصحاب اليمين . قلت : لِمَ سموا أصحاب اليمين ؟ قال : لأنهم عملوا الحسنات{[21635]} والسيئات ، فأعطوا كتبهم بأيمانهم ، فقرؤوا سيئاتهم حرفا حرفا - قالوا : يا ربنا ، هذه سيئاتنا ، فأين حسناتنا ؟ . فعند ذلك محا الله السيئات وجعلها حسنات ، فعند ذلك قالوا : ( هاؤم اقرؤوا كتابيه ) ، فهم أكثر أهل الجنة .

وقال علي بن الحسين زين العابدين : { يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } قال : في الآخرة .

وقال مكحول : يغفرها لهم فيجعلها حسنات : [ رواهما ابن أبي حاتم ، وروى ابن جرير ، عن سعيد بن المسيب مثله ]{[21636]} .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي ، حدثنا الوليد بن مسلم ،

حدثنا أبو{[21637]} جابر ، أنه سمع مكحولا يحدث قال : جاء شيخ كبير هرم قد سقط{[21638]} حاجباه على عينيه ، فقال : يا رسول الله ، رجل غدر وفجر ، ولم يدع حاجة ولا داجة إلا اقتطعها بيمينه ، لو قسمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم ، فهل له من توبة ؟ فقال له رسول الله{[21639]} صلى الله عليه وسلم : " أسلمتَ ؟ " قال{[21640]} : أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن{[21641]} محمدًا عبده ورسوله . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فإن الله غافر لك ما كنت كذلك ، ومبدل{[21642]} سيئاتك حسنات " . فقال : يا رسول الله ، وغَدَراتي وفَجَراتي ؟ فقال : " وغَدرَاتك وفَجَراتك " . فَوَلّى الرجل يهلل ويكبر{[21643]}-{[21644]} .

وروى الطبراني من حديث أبي المغيرة ، عن صفوان بن عَمْرو{[21645]} ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن أبي فَرْوَةَ - شَطْب - أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها ، ولم يترك حاجة ولا داجة ، فهل له من توبة ؟ فقال : " أسلمتَ ؟ " فقال : نعم ، قال : " فافعل الخيرات ، واترك السيئات ، فيجعلها{[21646]} الله لك خيرات كلها " . قال : وغَدرَاتي وفَجَراتي ؟ قال : " نعم " . قال فما زال يكبر حتى توارى{[21647]} .

ورواه الطبراني من طريق أبي فَروة الرهاوي ، عن ياسين الزيات ، عن أبي سلمة الحِمْصي ، عن يحيى بن جابر ، عن سلمة بن نفيل مرفوعًا{[21648]} .

وقال أيضًا : حدثنا أبو زُرْعة ، حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا عيسى بن شعيب بن ثوبان ، عن فُلَيْح الشماس ، عن عبيد بن أبي عبيد{[21649]} عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : جاءتني امرأة فقالت : هل لي من توبة ؟ إني زنيت وولدت وقتلته . فقلت{[21650]} لا ولا نَعمت العين ولا كرامة . فقامت وهي تدعو بالحسرة . ثم صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الصبح ، فقصصت عليه ما قالت المرأة وما قلت لها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بئسما قلت ! أما كنت تقرأ هذه الآية : { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ } إلى قوله : { إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } فقرأتها عليها . فخرَّت ساجدة وقالت : الحمد لله الذي جعل لي مخرجًا .

هذا حديث غريب من هذا الوجه ، وفي رجاله مَنْ لا يُعرف والله أعلم . وقد رواه ابن جرير من حديث إبراهيم بن المنذر الحزَامي بسنده بنحوه ، وعنده : فخرجت تدعو بالحسرة وتقول : يا حسرتا ! أخلق هذا الحسن للنار ؟ وعنده أنه لما رجع من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تَطَلَّبها{[21651]} في جميع دور المدينة فلم يجدها ، فلما كان من الليلة المقبلة جاءته ، فأخبرها بما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرت ساجدة ، وقالت : الحمد لله الذي جعل لي مخرجًا وتوبة مما عملت . وأعتقت جارية كانت معها وابنتها ، وتابت إلى الله عز وجل{[21652]}


[21620]:- زيادة من ف ، وهو الصواب.
[21621]:- في ف : "إلى الله في الدنيا".
[21622]:- في أ : "ولا معارض".
[21623]:- زيادة من ف ، أ.
[21624]:- في أ : "صريفا".
[21625]:- البيت في تفسير الطبري (19/30).
[21626]:- في أ : "هذا يكون في الدنيا".
[21627]:- في ف : "وبدلهم".
[21628]:- المسند (5/170) وصحيح مسلم برقم (190).
[21629]:- في ف ، أ : "عبدة".
[21630]:- المعجم الكبير للطبراني (3/296) قال الهيثمي في المجمع (10/121) "فيه محمد بن إسماعيل بن عياش وهو ضعيف" ولم يثبت سماعه عن أبيه أيضا.
[21631]:- في أ : "إساءته".
[21632]:- في أ : "كان".
[21633]:- في أ : "ينظر".
[21634]:- في أ : "أناس".
[21635]:- في أ : "بالحسنات".
[21636]:- زيادة من ف ، أ.
[21637]:- في أ : "ابن".
[21638]:- في أ : "أسقطت".
[21639]:- في أ : "النبي".
[21640]:- في أ : "فقال".
[21641]:- في أ : "وأشهد أن".
[21642]:- في أ : "ويبدل".
[21643]:- في ف ، أ : "يكبر ويهلل".
[21644]:- وقد وصله الإمام أحمد في مسنده (4/384) من طريق نوح بن قيس عن أشعث بن جابر الحداني عن مكحول عن عمرو بن عبسة به مرفوعا باختصار في أوله وآخره ، وقال الهيثمي في المجمع (1/32) : "رجاله موثقون إلا أنه من رواية مكحول عن عمرو بن عبسة ، فلا أدري أسمع منه أم لا".
[21645]:- في أ : "عمر".
[21646]:- في ف ، أ : "فيجعلهم".
[21647]:- المعجم الكبير للطبراني (7/314) ورواه الخطيب في تاريخ بغداد (3/352) من طريق أبي القاسم البغوي عن محمد بن هارون الحربي عن أبي المغيرة به. وقال أبو القاسم البغوي : "روى هذا الحديث غير محمد بن هارون عن أبي المغيرة عن صفوان عن عبد الرحمن بن جبير : أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم طويلا شطب الممدود ، وأحسب أن محمد بن هارون صحف فيه ، والصواب ما قال غيره".
[21648]:- المعجم الكبير للطبراني (7/53) وقال الهيثمي في المجمع (1/31) : "في إسناده ياسين الزيات يروي الموضوعات".
[21649]:- في هـ ، ف ، أ : "عن فليح بن عبيد بن أبي عبيد الشماس عن أبيه" والمثبت من الطبري.
[21650]:- في أ : "فقال".
[21651]:- في ف : "فطلبها".
[21652]:- تفسير الطبري (19/27) ورواه ابن مردويه كما في الدر المنثور (6/279) وقال السيوطي : "إسناده ضعيف".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (70)

قوله : فَأُولَئِكَ يُبَدّلُ اللّهُ سَيّئاتِهِمْ حَسَناتٍ . اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : فأولئك يبدّل الله بقبائح أعمالهم في الشرك ، محاسن الأعمال في الإسلام ، فيبدله بالشرك إيمانا ، وبقيل أهل الشرك بالله قيل أهل الإيمان به ، وبالزناعفة وإحصانا . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : فأُولَئِكَ يُبَدّلُ اللّهُ سَيّئاتِهِمْ حَسَناتٍ قال : هم المؤمنون كانوا قبل إيمانهم على السيئات ، فرغب الله بهم عن ذلك ، فحوّلهم إلى الحسنات ، وأبدلهم مكان السيئات حسنات .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله إلاّ مَنْ تابَ وآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحا . . . إلى آخر الاَية ، قال : هم الذي يتوبون فيعملون بالطاعة ، فيبدّل الله سيئاتهم حسنات حين يتوبون .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن سعيد ، قال : نزلت وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إلَها آخَرَ . . . إلى آخر الاَية ، في وَحْشِيّ وأصحابه ، قالوا : كيف لنا بالتوبة ، وقد عبدنا الأوثان ، وقتلنا المؤمنين ، ونكحنا المشركات ، فأنزل الله فيهم : إلاّ مَنْ تابَ وآمَنَ وعَمِلَ عَمَلاً صَالِحا ، فأُولَئِكَ يُبَدّلُ اللّهُ سَيّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ، فأبدلهم الله بعبادة الأوثان عبادة الله ، وأبدلهم بقتالهم مع المشركين ، قتالاً مع المسلمين للمشركين ، وأبدلهم بنكاح المشركات نكاح المؤمنات .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جُرَيج ، قال ابن عباس ، في قوله : فَأُولَئِكَ يُبَدّلُ اللّهُ سَيّئاتِهِمْ حَسَناتٍ قال : بالشرك إيمانا ، وبالقتل إمساكا ، وبالزنا إحصانا .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إلهَا آخَرَ وهذه الاَية مكية نزلت بمكة وَمَنْ يَفْعَلْ ذلكَ يعني : الشرك ، والقتل ، والزنا جميعا . لمّا أنزل الله هذه الاَية قال المشركون من أهل مكة : يزعم محمد أن من أشرك وقتل وزنى فله النار ، وليس له عند الله خير ، فأنزل الله : إلاّ مَنْ تابَ من المشركين من أهل مكة ، فَأُولَئِكَ يُبَدّلُ اللّهُ سَيّئاتِهِمْ حَسَناتٍ يقول : يبدّل الله مكان الشرك والقتل والزنا : الإيمان بالله ، والدخول في الإسلام ، وهو التبديل في الدنيا . وأنزل الله في ذلك . يا عِبادِيَ الّذِينَ أسْرَفُوا على أنْفُسِهِمْ يعنيهم بذلك لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ ، إنّ اللّهَ يَغْفِرُ الذّنُوبَ جَمِيعا يعني ما كان في الشرك . يقول الله لهم : أنيبوا إلى ربكم وأسلموا له ، يدعوهم إلى الإسلام ، فهاتان الاَيتان مكيتان ، والتي في النساء وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمّدا . . . الاَية ، هذه مدنية ، نزلت بالمدينة ، وبينها وبين التي نزلت في الفرقان ثمان سنين ، وهي مبهمة ليس منها مخرج .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا أبو تُمَيْلة ، قال : حدثنا أبو حمزة ، عن جابر ، عن مجاهد ، قال : سُئل ابن عباس عن قول الله جلّ ثناؤه : يُبَدّلُ اللّهُ سَيِئاتِهمْ حَسَناتٍ فقال :

بُدّلْنَ بَعْدَ حَرّهِ خَريفا *** وَبَعْدَ طُولِ النّفَسِ الوَجِيفا

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إلَهَا آخَرَ . . . إلى قوله يَخْلُدْ فِيهِ مُهانا : فقال المشركون : ولا والله ما كان هؤلاء الذين مع محمد إلا معنا ، قال : فأنزل الله : إلاّ مَنْ تابَ وآمَنَ . قال : تاب من الشرك ، قال : وآمن بعقاب الله ورسوله وعَمِلَ عَمَلاً صَالِحا ، قال : صدّق ، فأُولَئِكَ يُبَدّلُ اللّهُ سَيّئاتِهِمْ حَسَناتٍ قال : يبدّل الله أعمالهم السيئة التي كانت في الشرك بالأعمال الصالحة حين دخلوا في الإيمان .

وقال آخرون : بل معنى ذلك ، فأولئك يبدّل الله سيئاتهم في الدنيا حسنات لهم يوم القيامة . ذكر من قال ذلك :

حدثني أحمد بن عمرو البصريّ ، قال : حدثنا قريش بن أنس أبو أنس ، قال : ثني صالح بن رستم ، عن عطاء الخراساني ، عن سعيد بن المسيب فَأُولَئِكَ يُبَدّلُ اللّهُ سَيّئاتِهِمْ حَسَناتٍ قال : تصير سيئاتهم حسنات لهم يوم القيامة .

حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا محمد بن حازم أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذرّ ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّي لأَعْرِفُ آخِرَ أهْلِ النّارِ خُرُوجا مِنَ النّارِ ، وآخِرَ أهْلِ النّارِ دُخُولاً الجَنّةَ ، قال : يُؤْتَى بِرَجُلٍ يَوْمَ القِيامَةِ ، فَيُقالُ : نَحّوا كِبارَ ذُنُوبِهِ وَسَلُوهُ عَنْ صِغارِها ، قال : فَيُقالُ لَهُ : عَمِلْتَ كَذَا وكَذَا ، وَعملْتَ كَذَا وكَذَا ، قال : فَيَقُولُ : يا رَبّ لَقَدْ عَمِلْتُ أشْياءَ ما أرَاها هَا هُنا ، قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ، قال : فَيُقالُ لَهُ : لَكَ مَكانَ كُلّ سَيّئَةِ حَسَنَةٌ » .

قال أبو جعفر : وأولَى التأويلين بالصواب في ذلك تأويل من تأوّله : فأولئك يبدّل الله سيئاتهم : أعمالهم في الشرك ، حسنات في الإسلام ، بنقلهم عما يسخطه الله من الأعمال إلى ما يرضى .

وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الاَية ، لأن الأعمال السيئة قد كانت مضت على ما كانت عليه من القُبح ، وغير جائز تحويل عين قد مضت بصفة ، إلى خلاف ما كانت عليه ، إلا بتغييرها عما كانت عليه من صفتها في حال أخرى ، فيجب إن فعل ذلك كذلك ، أن يصير شرك الكافر الذي كان شركا في الكفر بعينه إيمانا يوم القيامة بالإسلام ومعاصيه كلها بأعيانها طاعة ، وذلك ما لا يقوله ذو حجا .

وقوله : وكانَ اللّه غَفُورا رَحِيما يقول تعالى ذكره : وكان الله ذا عفو عن ذنوب من تاب من عباده ، وراجع طاعته ، وذا رحمة به أن يعاقبه على ذنوبه بعد توبته منها . قوله : وَمَنْ تابَ يقول : ومن تاب من المشركين ، فآمن بالله ورسوله وعَمِلَ صَالِحا يقول : وعمل بما أمره الله فأطاعه ، فإن الله فاعل به من إبداله سَيِىء أعماله في الشرك ، بحسنها في الإسلام ، مثل الذي فعل من ذلك ، بمن تاب وآمن وعمل صالحا قبل نزول هذه الاَية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَمَنْ تابَ وعَمِلَ صَالِحا فإنّه يَتُوبُ إلى اللّهِ مَتابا قال : هذا للمشركين الذين قالوا لما أنزلت وَالّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللّهِ إلهَا آخَرَ . . . إلى قوله وكانَ اللّهُ غَفُورا رَحِيما لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما كان هؤلاء إلا معنا ، قال : وَمَنْ تَابَ وعَمِلَ صَالِحا فإن لهم مثل ما لهؤلاء فإنّهُ يَتُوبُ إلى اللّهِ مَتابا لم تخطر التوبة عليكم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلٗا صَٰلِحٗا فَأُوْلَـٰٓئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِمۡ حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (70)

وقوله { إلا من تاب } الآية لا خلاف بين العلماء أن الاستثناء عامل في الكافر والزاني واختلفوا في القاتل من المسلمين ، فقال جمهور العلماء له التوبة وجعلت هذه الفرقة قاعدتها قوله تعالى : { ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }{[8884]} [ النساء : 48 ] فجعل القاتل في المشيئة كسائر التائبين من الذنوب ، ويتأولون الخلود الذي في آية القتل في سورة النساء{[8885]} بمعنى الدوام إلى مدة كخلد الدول ونحوه ، وروى أبو هريرة في أن التوبة لمن قتل حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم{[8886]} ، وقيل إن هذه الآية نزلت في وحشي قاتل حمزة ، وقاله سعيد بن جبير ، وقال ابن عباس وغيره لا توبة للقاتل ، قال ابن عباس وهذه الآية إنما أريد بالتوبة فيها المشركون وذلك أنها لما نزلت { إلا من تاب } الآية ، ونزلت { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله }{[8887]} [ الزمر : 53 ] ، فما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرح فرحه بها وبسورة الفتح{[8888]} ، وقال غير ابن عباس ممن قال بأن لا توبة للقاتل إن هذه الآية منسوخة بآية سورة النساء قاله زيد بن ثابت ، ورواه أيضاً سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وقال أبو الجوزاء صحبت ابن عباس ثلاث عشرة سنة فما شيء من القرآن إلا سألته عنه فما سمعته يقول إن الله تعالى يقول لذنب لا أغفره وقوله تعالى : { يبدل الله سيئاتهم حسنات } .

معناه يجعل أعمالهم بدل معاصيهم الأول طاعة فيكون ذلك سبباً لرحمة الله إياهم قاله ابن عباس وابن جبير وابن زيد والحسن ، ورد على من قال هو في يوم القيامة ، وقد ورد حديث في كتاب مسلم من طريق أبي يقتضي أن الله تعالى يبدل يوم القيامة لمن يريد المغفرة من الموحدين بدل سيئات حسنات ، وذكره الترمذي والطبري وهذا تأويل ابن المسيب في هذه الآية .

قال القاضي أبو محمد : وهو معنى كرم العفو ، وقرأ ابن أبي عبلة «يبْدِل » بسكون الباء وتخفيف الدال .


[8884]:من الآية 48 من سورة النساء. وتكررت في الآية 116 من السورة نفسها.
[8885]:وهي قوله تعالى في الآية 93: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما}.
[8886]:الحديث الذي يشير إليه أخرجه ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العتمة ثم انصرفت، فإذا امرأة عند بابي، فقالت: جئتك أسألك عن عمل عملته هل ترى لي منه توبة؟ قلت: وما هو.؟ قالت: زنيت وولد لي وقتلته. قلت: لا ولا كرامة، فقامت وهي تقول: واحسرتاه، أيخلق هذا الجسد للنار؟ فلما صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الصبح من تلك الليلة قصصت عليه أمر المرأة، قال: وما قلت لها؟ قلت: لا ولا كرامة، قال: بئس ما قلت، أما كنت تقرأ هذه الآية {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر...} إلى قوله: {إلا من تاب} الآية، قال أبو هريرة: فخرجت فما بقيت دار بالمدينة ولا خطة إلا وقفت عليها فقلت: إن كانت فيكم المرأة التي جاءت أبا هريرة فلتأت ولتبشر، فلما انصرفت من العشي إذا هي عند بابي، فقلت: أبشري، إني ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم ما قلت وما قلت لك فقال: بئس ما قلت، أما كنت تقرأ هذه الآية؟ وقرأتها عليها، فخرت ساجدة وقالت: أحمد الله الذي جعل لي توبة ومخرجا، أشهد أن هذه الجارية (لجارية معها وابن لها) حران لوجه الله، وإني قد تبت مما عملت.
[8887]:من الآية 53 من سورة الزمر.
[8888]:أخرجه بلفظ آخر في أوله ابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما.