تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ يُبَايِعۡنَكَ عَلَىٰٓ أَن لَّا يُشۡرِكۡنَ بِٱللَّهِ شَيۡـٔٗا وَلَا يَسۡرِقۡنَ وَلَا يَزۡنِينَ وَلَا يَقۡتُلۡنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ وَلَا يَأۡتِينَ بِبُهۡتَٰنٖ يَفۡتَرِينَهُۥ بَيۡنَ أَيۡدِيهِنَّ وَأَرۡجُلِهِنَّ وَلَا يَعۡصِينَكَ فِي مَعۡرُوفٖ فَبَايِعۡهُنَّ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُنَّ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (12)

{ يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا } وذلك يوم فتح مكة ، لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من بيعة الرجال ، وهو جالس على الصفا ، وعمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، أسفل منه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" أبايعكن على ألا تشركن بالله شيئا" ، وكانت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان منتقبه مع النساء ، فرفعت رأسها ، فقالت : والله ، إنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيتك أخذته على الرجال ، فقد أعطيناكه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ،{ ولا يسرقن } ، فقالت : والله إني لأصيب من مال أبي سفيان هنات ، فما أدري أتحلهن لي أم لا ؟ فقال أبو سفيان : نعم ، ما أصبت من شيء فيما مضى وفيما غير فهو لك حلال ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" وإنك لهند بنت عتبة" ، فقالت : نعم ، فاعف عما سلف عفا الله عنك ، ثم قال :{ ولا يزنين } قالت : وهل تزني الحرة ؟ ثم قال :{ ولا يقتلن أولادهن } فقالت : ربيناهم صغارا وقتلتموهم كبارا ، فأنتم وهم أعلم ، فضحك عمر بن الخطاب حتى استلقى ، ويقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم ضحك من قولها .

ثم قال :{ ولا يأتين ببهتان يفتريناه بين أيديهن وأرجلهن } والبهتان أن تقذف المرأة ولدا من غير زوجها على زوجها ، فتقول لزوجها هو منك وليس منه ، قالت : والله إن البهتان لقبيح ، ولبعض التجاوز أمثل ، وما تأمر إلا بالرشد ومكارم الأخلاق ، ثم قال : { ولا يعصينك في معروف } يعني في طاعة الله تعالى فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم عن النوح وشد شعر وتمزيق الثياب ، أو تخلو غريب في حضر ، ولا تسافر فوق ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم ونحو ذلك ، قالت هند : ما جلسنا في مجلسنا هذا ، وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء فأقر النسوة بما أخذ عليهن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذلك قوله :{ فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور } لما كان في الشرك { رحيم } آية فيما بقي .