قوله :{ وإذا رأيت ثم رأيت } يعني هنالك في الجنة رأيت { نعيما وملكا كبيرا } آية وذلك أن الرجل من أهل الجنة له قصر ، في ذلك القصر سبعون قصرا ، في كل قصر سبعون بيتا ، كل بيت من لؤلؤة مجوفة طولها في السماء فرسخ ، وعرضها فرسخ ، عليها أربعة ألف مصراع من ذهب ، في ذلك البيت سرير منسوج بقضبان الدر والياقوت ، عن يمين السرير ، وعن يساره أربعون ألف كرسي من ذهب قوائمها ياقوت أحمر ، على ذلك السرير سبعون فراشا كل فراش على لون ، وهو جالس فوقها ، وهو متكئ على يساره عليه سبعون حلة من ديباج ، الذي بلى جسده حريرة بيضاء ، وعلى جبهته أكليل مكلل بالزبرجد ، والياقوت ، وألوان الجواهر كل جوهرة على لون .
وعلى رأسه تاج من ذهب فيه سبعون ذؤابة ، في كل ذؤابة درة ، تساوي مال المشرق والمغرب ، وفي يديه ثلاث أسورة ، سوار من ذهب ، وسوار من فضة ، وسوار من لؤلؤ ، وفي أصابع يديه ورجليه خواتيم من ذهب وفضة فيه ألوان الفصوص ، وبين يديه عشرة آلاف غلالا يكبرون ولا يشيبون أبدا ، ويوضع بين يديه مائدة من ياقوتة حمراء ، طولها ميل في ميل ، ويوضع على المائدة سبعون ألف إناء من ذهب وفضة في كل إناء سبعون لونا من الطعام ، يأخذ اللقمة بيديه ، فما يخطر على باله حتى تتحول اللقمة عن حالها التي يشتهيها ، وبين يديه غلمان بأيديهم أكواب من ذهب ، وإناء من فضة معهم الخمر والماء ، فيأكل على قدر أربعين رجلا من الألوان كلها ، كلما شبع من لون من الطعام سقوه شربة مما يشتهى من الأشربة فيتجشى .
فيفتح الله تعالى عليه ألف باب من الشهوة من الشراب ، فيدخل عليه الطير من الأبواب ، كأمثال النجائب فيقومون بين يديه صفا ، فينعت كل نقسه بصوت مطرب لذيذ ألذ من كل غناء في الدنيا ، يقول : يا ولي الله ، كلني إني كنت أرعى في روضة كذا وكذا ، من رياض الجنة ، فيحلون عليه أصواتها ، فيرفع بصره فينظر إليهم ، فينظر إلى أزهاها صوتا ، وأجودها نعتا ، فيشتهيها ، فيعلم الله ما وراء شهوته في قلبه من حبه ، فيجئ الطير فيقع على المائدة بعضه قديد ، وبعضه شواء ، أشد بياضا من الثلج ، وأحلى من العسل ، فيأكل حتى إذا شبع منها ، واكتفى طارت طيرا كما كانت ، فتخرج من الباب الذي كانت دخلت منه .
فهو على الأرائك وزوجته مستقبلة ، يبصر وجهه في وجهها من الصفاء والبياض ،
كلما أراد أن يجامعها ينظر إليها ، فيستحى أن يدعوها ، فتعلم ما يريد منها زوجها ، فتدنو إليه ، فتقول : بأبي وأمي ، ارفع رأسك فانظر إلي فإنك اليوم لي ، وأنا لك فيجامعها على قوة مائة رجل من الأولين ، وعلى شهوة أربعين رجلا كلما أتاها وجدها عذراء ، لا يغفل عنها مقدار أربعين يوما ، فإذا فرغ وجد ريح المسك منها ، فيزداد حبا لها ، فيها أربعة آلاف وثمان مائة زوجة مثلها لك زوجة سبعون خادما وجارية .
حدثنا عبد الله بن ثابت ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن مقاتل ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، قال : لو أن جارية أو خادما خرجت إلى الدنيا لا قتتل عليها أهل الأرض كلهم ، حتى يتفانوا .
ولو أن الحور العين أرخت ذؤابتها في الأرض لأطفأت الشمس من نورها ، قيل : يا رسول الله ، وكم بين الخادم والمخدوم ؟ قال : والذي نفسي بيده ، إن بين الخادم والمخدوم كالكوكب المضيء إلى جنب القمر في النصف ، قال : فبينما هو جالس على سريره إذ يبعث الله عز وجل إليه مالكا معه سبعون حلة كل حلة على لون واحد ، ومعه التسليم ، والرضا ، فيجئ الملك حتى يقوم على بابه ، فيقول لحاجبه ، ائذن لي على ولي الله ، فإني رسول رب العالمين إليه ، فيقول الحاجب : والله ، ما أملك منه المناجاة ، ولكن سأذكرك إلى من يليني من الحجبة ، فلا يزالون يذكرون بعضهم إلى بعض حتى يأتيه الخبر بعد سبعين بابا ، يقول : يا ولي الله ، إن رسول رب العزة على الباب ، فيأذن له بالدخول عليه ، فيقول : السلام عليك ، يا ولي الله ، إن الله يقرئك السلام ، وهو عنك راض ، فلولا أن الله تعالى لم يقض عليه الموت لمات من الفرح ، فذلك قوله :{ وإذا رأيت ثم رأيت } يا محمد ، ثم يعني هناك رأيت نعيما ، يعني بالنعيم الذي هو فيه وملكا كبيرا حين لا يدخل عليه رسول رب العزة إلا بإذن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.