اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمۡدَمَ عَلَيۡهِمۡ رَبُّهُم بِذَنۢبِهِمۡ فَسَوَّىٰهَا} (14)

فكذبوه يعني صالحاً - عليه الصلاة والسلام - في وعيدهم بالعذاب .

{ فَعَقَرُوهَا } أي : عقرها الأشقى ، وأضاف إلى الكل ، لأنهم رضوا بفعله .

قال قتادة : بلغنا أنه لم يعقر حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم{[60312]} .

وقال الفراء : عقرها اثنان ، والعرب تقول : هذان أفضل الناس ، وهذا خير الناس ، وهذه المرأة أشقى القوم ، فلهذا لم يقل : أشقياها .

قوله : { فَدَمْدمَ } . الدمدمة : قيل : الإطباق ، يقال : دمدمت عليه القبر ، أي : أطبقته عليه ، أي : أهلكهم وأطبق عليهم العذاب { بِذَنبِهِمْ } الذي هو الكفر والتكذيب والعقر .

وقال المؤرج : الدمدمة : الإهلاك باستئصال .

وروى الضحاك عن ابن عباس : «دمدم عليهم ، دمر عليهم ربهم «بذَنبِهم » أي : بجرمهم »{[60313]} .

وقال الفراء : » فدَمْدَمَ «أي : أرجف . وحقيقة الدمدمة : تضعيف العذاب وترديده ، ويقال : دممت على الشيء : أي : أطبقت عليه ، فإذا كرر الإطباق قلت : دمدمت . وفي «الصحاح »{[60314]} : ودمدمت الشيء : إذا ألصقته بالأرض وطحطحته .

[ قال القشيري : وقيل دمدمت على الميت التراب أي سويته عليه ، والمعنى على هذا فجعلهم تحت التراب فسواها أي فسوى عليهم الأرض ، وعلى الأول : فسواها : أي فسوى الدمامة ، وقيل : الدمدمة حكاية صوت الهدة ، وذلك أن الصيحة أهلكتهم فأتت على صغيرهم وكبيرهم ]{[60315]} .

وقال ابن الأنباري : دمدم : أي : غضب ، والدمدمة : الكلام الذي يزعج الرجل ودمدمت الثوب طليته بالصيغ والباء في بذنبهم للسببية .

وقرأ ابن الزبير : «فدهدم » بهاء بين الدالين بدل الميم{[60316]} ، وهي بمعنى القراءة المشهورة .

قال القرطبي{[60317]} : «وهما لغتان ، كما يقال : امتقع لونه ، وانتقع » .

قوله : { فَسَوَّاهَا } . الضمير المنصوب يجوز عوده على «ثمود » باعتبار القبيلة كما أعاده في قوله تعالى { بِطَغْوَاهَآ } ويجوز عوده على «الدمدمة » والعقوبة أي : سواها بينهم ، فلم يفلت منهم أحد .


[60312]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/606) عن قتادة.
[60313]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (20/53).
[60314]:ينظر الصحاح 5/1921 (دمم).
[60315]:سقط من ب.
[60316]:ينظر : المحرر الوجيز 5/489، والبحر المحيط 8/476، والدر المصون 6/533.
[60317]:الجامع لأحكام القرآن 20/53.