غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{نَحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ أَحۡسَنَ ٱلۡقَصَصِ بِمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِۦ لَمِنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ} (3)

1

قال أهل اللغة : القصص اشتقاقه من قص أثره إذا اتبعه لأن الذي يقص الحديث يتبع ما حفظ منه شيئاً فشيئاً ، ومثله التلاوة لأنه يتلو أي يتبع ما حفظ منه آية بعد آية ، ثم إن كان القصص مصدراً بمعنى الاقتصاص فيكون { أحسن } مثله لإضافته إلى المصدر ، ويكون المفعول أي المقصوص محذوفاً وهو الوحي لدلالة { أوحينا } عليه ، أو يكون هذا القرآن مفعوله ومفعول { أوحينا } محذوفاً كأنه قيل : نحن نقص عليك أحسن الاقتصاص هذا القرآن بإيحائنا إياه إليك . وعلى هذا فالحسن يرجع إلى المنطق لا إلى القصة . وحسن المنطق كونه على أبدع طريق وأعجب أسلوب لأن هذه الحكاية مقتصة في كتب الأولين وفي كتب التواريخ ولم يبلغ شيء منه إلى حد الإعجاز ، وإن أريد بالقصص المقصوص كما يراد بالنبأ والخبر المنبأ والمخبر ، فالحسن يرجع إلى القصة ولاسيما فيما يرجع إلى صلاح حال المكلف في الدارين ، ووجه حسنها اشتمالها على الغرائب والعجائب والنكت والعبر وأن الصبر مفتاح الفرج ، وأن ما قضى الله كائن لا محالة لا يردّه كيد كائد ولا حسد حاسد . ويروى أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملوا فقالوا : يا رسول الله لو حدثتنا . فأنزل الله عز وجل { الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً } [ الزمر : 23 ] ثم إنهم ملوا فقالوا : يا رسول الله لو قصصت علينا فأنزل الله { نحن نقص عليك أحسن القصص } كل ذلك يؤمرون بالقرآن { وإن كنت } هي المخففة من الثقيلة بدليل اللام الفارقة . والمعنى وإن الشأن كنت أنت من قبل إيحائنا إليك { لمن الغافلين } عن هذه القصة أو عن الدين والشريعة .

/خ20