غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَتَجَرَّعُهُۥ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُۥ وَيَأۡتِيهِ ٱلۡمَوۡتُ مِن كُلِّ مَكَانٖ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٖۖ وَمِن وَرَآئِهِۦ عَذَابٌ غَلِيظٞ} (17)

1

{ يتجرعه } يتكلف جرعه { ولا يكاد يسيغه } أي لم يقارب الإساغة فضلاً عن الإساغة قيل : ليس المراد بالإساغة مجرد حصول المشروب في الجوف لأن هذا المعنى حاصل لأهل النار بدليل قوله : { يصهر به ما في بطونهم } [ الحج : 20 ] وإنما المراد جريان المشروب في الحلق في الاستطابة وقبول النفس لا بالكراهية والتأذي . قلت : يحتمل أن يراد بالإساغة مجرد الحصول ، والآية - أعني قوله : { ويصهر } - لا تدل على الحصول لقوله قبله : { يصب من فوق رؤوسهم الحميم } [ الحج : 19 ] . { ويأتيه الموت من كل مكان } من جسده حتى من إبهام رجله . وقيل : من أصل كل شعرة . وقيل : المراد أن موجبات الموت أحاطت به من جميع الجهات ومع ذلك فإنه لا يموت فيها ولا يحيا . ثم أخبر - والعياذ بالله- أن العذاب في كل وقت يفرض من الأوقات المستقبلة يكون أشد وأنكى مما قبله فقال : { ومن ورائه عذاب غليظ } عن الفضيل : هو قطع الأنفاس وحبسها في الأجساد . قال في الكشاف : يحتمل أن يكون أهل مكة استفتحوا أي استمطروا . والفتح المطر في سني القحط التي سلطت عليهم بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسقوا فذكر سبحانه ذلك ، وأنه خيب رجاء كل جبار عنيد وأنه يسقى في جهنم بدل سقياه ماء أحرّ وهو صديد أهل النار . وعلى هذا التفسير يكون قوله : { واستفتحوا } كلاماً مستأنفاً منقطعاً عن حديث الرسل وأممهم .

/خ17