غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦ فَأَعۡرَضَ عَنۡهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُۚ إِنَّا جَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن يَفۡقَهُوهُ وَفِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٗاۖ وَإِن تَدۡعُهُمۡ إِلَى ٱلۡهُدَىٰ فَلَن يَهۡتَدُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا} (57)

47

قال أهل العرفان : قوله : { ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه } أي بالقرآن بدليل قوله : { أن يفقهوه } وبتذكير الضمير . { فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه } من الكفر والمعاصي فلم يتفكروا في عاقبتها ولم يتدبروا في جزائها متمسك القدرية . وإنما قال في السجدة

{ ثم أعرض عنها } [ الآية : 22 ] لأن ما في هذه السورة في الكفار الأحياء الذين إيمانهم متوقع بعد ، أي ذكروا فأعرضوا عقب ذلك . وما في السجدة في الكفار الأموات بدليل قوله : { ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم } [ السجدة : 12 ] أي ذكروا مرة بعد أخرى وزماناً بعد زمان ثم أعرضوا عنها بالموت فلم يؤمنوا وانقطع رجاء إيمانهم . وقوله { إنا جعلنا } وقد مر تفسيره في " الأنعام " إلى قوله : { فلن يهتدوا إذا أبداً } متمسك الجبرية وقلما تجد في القرآن دليلاً لأحد الفريقين إلا ومعه دليل للفريق الآخر فهذا شبه ابتلاء من الله ، ولعله أراد بذلك إظهار مغفرته ورحمته على عباده كما قال :{ وربك الغفور ذو الرحمة } .

/خ59