البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّهِۦ فَأَعۡرَضَ عَنۡهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتۡ يَدَاهُۚ إِنَّا جَعَلۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ أَكِنَّةً أَن يَفۡقَهُوهُ وَفِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٗاۖ وَإِن تَدۡعُهُمۡ إِلَى ٱلۡهُدَىٰ فَلَن يَهۡتَدُوٓاْ إِذًا أَبَدٗا} (57)

وتقدم تفسير نظير قوله { إنّا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً } ثم أخبر تعالى أن هؤلاء لا يهتدون أبداً وهذا من العام والمراد به الخصوص ، وهو من طبع الله على قلبه وقضى عليه بالموافاة على الكفر إذ قد اهتدى كثير من الكفرة وآمنوا ، ويحتمل أن يكون ذلك حكماً على الجميع أي { وإن تدعهم } أي { إلى الهدى } جميعاً { فلن يهتدوا } جميعاً { أبداً } وحمل أولاً على لفظ من فأفرد ثم على المعنى في قوله { إنّا جعلنا على قلوبهم } فجمع وجعلوا دعوة الرسول إلى الهدى وهي التي تكون سبباً لوجود الاهتداء ، سبباً لانتفاء هدايتهم ، وهذا الشرط كأنه جواب للرسول عن تقدير قوله مالي لا أدعوهم إلى الهدى حرصاً منه عليه الصلاة والسلام على حصول إيمانهم ، فقيل : { وإن تدعهم } وتقييده بالأبدية مبالغة في انتفاء هدايتهم .