غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤۡمِنُوٓاْ إِذۡ جَآءَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّهُمۡ إِلَّآ أَن تَأۡتِيَهُمۡ سُنَّةُ ٱلۡأَوَّلِينَ أَوۡ يَأۡتِيَهُمُ ٱلۡعَذَابُ قُبُلٗا} (55)

47

قال أهل البرهان : قوله تعالى في سورة " بني إسرائيل " : { وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى } [ الإسراء : 94 ] وقال في هذه السورة بزيادة { ويستغفروا ربهم } لأن المعنى هناك ما منعهم عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم إلا قولهم : " أبعث الله بشراً رسولاً ، هلا بعث ملكاً " وجهلوا أن التجانس يورث التوانس . ومعناه في هذا الموضع ما منعهم من الإيمان والاستغفار إلا الإتيان بسنة الأوّلين وانتظار ذلك . وعن الزجاج : إلا طلب سنتهم وهو قولهم " إن كان هذا هو الحق " وزاد في هذه السورة { ويستغفروا ربهم } لأن قوم نوح أمروا بالاستغفار { استغفروا ربكم إنه كان غفاراً } [ نوح : 10 ] وكذا قوم هود { ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه } [ هود : 52 ] وقوم صالح { فاسغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب } [ هود : 62 ] وقوم شعيب

{ واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود } [ هود : 90 ] فلما خوفهم سنة الأوّلين أجرى المخاطبين مجراهم . والحاصل أنهم لا يقدمون على الإيمان والاستغفار إلا عند نزول عذاب الاستئصال أو عند تواصل أصناف البلاء عياناً . ومن قرأ بضمتين أراد أنواعاً جمع قبيل . قالت المعتزلة : في الآية دلالة على أنه لا مانع من الإيمان أصلاً . وقالت الأشاعرة : العلم بأنه لا يؤمن والداعي الذي يخلقه الله في الكافر يمنعانه ، فالمراد فقدان الموانع المحسوسة .

/خ59