غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ يَٰهَٰرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذۡ رَأَيۡتَهُمۡ ضَلُّوٓاْ} (92)

77

ثم حكى ما جرى بين موسى وهارون بعد الرجوع وقوله { ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن } كقوله { ما منعك ألا تسجد } [ الأعراف : 12 ] في أن " لا " هذه مزيدة أم لا ؟ . وقد مر في " الأعراف " . وفي هذا الإتباع قولان : فعن ابن عباس ما منعك من إتباعي بمن أطاعك واللحوق بي وترك المقام بين أظهرهم . وقال مقاتل : أراد الإتباع في وصيته كأنه قال : هلا قتلت من كفر بمن آمن ومالك لا تباشر الأمر كما كنت أباشره . قال الأصوليون : في قوله { أفعصيت أمري } دلالة على أن تارك المأمور به عاصٍ والعاصي يستحق العقاب لقوله { ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم } [ الجن : 22 ] فيعلم منه أن الأمر للوجوب . واحتج الطاعنون في عصمة الأنبياء بأن موسى عليه السلام هل أمر هارون باتباعه أم لا ؟ وعلى التقدير فهارون أتبعه أم لا ؟ فإن لم يأمره أو أمره ولكن اتبعه فملامته لهارون من غير جرم تكون ذنباً ، وإن أمره ولم يتبعه كان هارون عاصياً . وأيضاً قوله { أفعصيت } بمعنى الإنكار . فإما أن يكون موسى كاذباً في نسبة العصيان إلى هارون ، وإما أن يكون هارون عاصياً . وأيضاً أخذه بلحية هارون وبرأسه إن كان بعد البحث والتفتيش فهارون عاصٍ وإلا فموسى . وأجيب بأن كل ذلك أمور اجتهادية جائزة الخطأ أو هي من باب الأولى وقد مر في أوائل " البقرة " في آدم ما يتعلق بهذه المسألة . قوله : { ولم ترقب قولي } أي وصيتي لك بحفظ الدهماء واجتماع الشمل يؤيده قوله : { إني خشيت أن تقول فرقت } .

/خ114