غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ فَٱذۡهَبۡ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَۖ وَإِنَّ لَكَ مَوۡعِدٗا لَّن تُخۡلَفَهُۥۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰٓ إِلَٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلۡتَ عَلَيۡهِ عَاكِفٗاۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُۥ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُۥ فِي ٱلۡيَمِّ نَسۡفًا} (97)

77

ثم بين موسى أن له عقوبة في الدنيا وعقوبة في الآخرة . يروى أنه أراد أن يقتله فمنعه الله من ذلك وقال : لا تقتله فإنه سخيّ . وفي قوله : { لا مساس } وجوه : الأوّل إنه حرم عليه مماسة الناس لأنه إذا اتفق أن هناك مماسة فأحدهم الماس والثاني الممسوس فلذلك إذا رأى أحداً صاح لا مساس . ويقال : إن قومه باقٍ فيهم ذلك إلى الآن الثاني : أن المراد منع الناس من مخالطته . قال مقاتل : إن موسى أخرجه من محلة بني إسرائيل وقال له : اخرج أنت وأهلك طريداً إلى البراري . اعترض الواحدي عليه بأن الرجل إذا صار مهجوراً فلا يقول : هو لا مساس . وإنما يقال له ذلك . وأجيب بأن هذا على الحكاية أي أجعلك يا سامري بحيث إذا أخبرت عن حالك لم تقل إلا لا مساس . والثالث : قول أبي مسلم إن المراد انقطاع نسله وأن يخبر بأنه لا يمكن له مماسة المرأة أي مجامعتها . وأما حاله في الآخرة فلذلك قوله : { وإن لك موعداً لن تخلفه } قال جار الله : من قرأ بكسر اللام فهو من أخلفت الموعد إذا وجدته خلفاً . ثم بين مآل حال إلهه فقال : { وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفاً } أي ظللت فحذف إحدى اللامين تخفيفاً { لنحرقنه } من الإحراق ففيه دليل على أنه صار لحماً ودماً لأن الذهب لا يمكن إحراقه بالنار ونسفه في الميم . قال السدي : أمر موسى بذبحه فسال منه الدم ثم أحرق ثم نسف . والنسف النقض ومن جعله من الحرق أي لنبردنه بالمبرد ففيه دلالة على أنه لم ينقلب حيواناً إلا إذا أريد برد عظامه . ومن جعله من التحريق فإنه يحتمل الوجهين والمراد إهدار السامري وإبطال كيده ومحق صنيعه والله خير الماكرين .

/خ114