فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ يَٰهَٰرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذۡ رَأَيۡتَهُمۡ ضَلُّوٓاْ} (92)

{ قال يا هارون ما منعك } جملة مستأنفة ، والمعنى أن موسى لما وصل إليهم أخذ بشعور رأس أخيه هارون وبلحيته ، وقال ما منعك من اتباعي واللحوق بي عند أن وقعوا في هذه الضلالة ودخلوا في هذه الفتنة ؟ .

وقيل المعنى ما منعك من إتباعي في الإنكار عليهم ؟ وقيل معناه هلا قاتلتهم إذ قد علمت أني لو كنت بينهم لقاتلتهم ؟ وقيل معناه هلا فارقتهم ؟ .

{ إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني ؟ } أي أيّ شيء منعك حين رؤيتك لضلالهم من إتباعي ، ومن أن تلحقني وتأتيني في الجبل فتخبرني بما فعلوا ، وهذه الياء من ياءات الزوائد فحقها أن تحذف في الرسم كما هي كذلك في مصحف الإمام ولا زائدة للتوكيد .

{ أفعصيت } الهمزة للإنكار والتوبيخ ، والمعنى كيف خالفت { أمري } لك بالقيام لله ومنابذة من خالف دينه ، وأقمت بين هؤلاء الذين اتخذوا العجل إلها ؟ وقيل المراد بقوله : { أمري } هو قوله الذي حكى الله عنه . وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ، فلما أقام معهم ولم يبالغ في الإنكار عليهم نسبه إلى عصيانه ومخالفة أمره ، وبه قال ابن جرير والقرطبي .