ثم قرر الشبهة الأخرى لهم فقال : { الذين قالوا إن الله عهد إلينا } قال الكلبي : نزلت في كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف ووهب بن يهودا وزيد بن التابوت وفنحاص بن عازوراء وحيي بن أخطب ، آتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : تزعم أن الله بعثك إلينا رسولاً ، وأنزل عليك الكتاب ، وإن الله قد عهد إلينا في التوراة أن لا نؤمن لرسول يزعم أنه جاء من عند الله حتى يأتينا بقربان تأكله النار ، فإن جئتنا به صدقناك فنزلت .
قال عطاء : كانت بنو إسرائيل يذبحون لله فيأخذون الثروب وأطايب اللحم فيضعونها في وسط بيت والسقف مكشوف ، فيقوم النبي في البيت ويناجي ربه وبنو إسرائيل خارجون واقفون حول البيت ، فتنزل نار بيضاء لها دوي وحفيف ولا دخان لها فتأكل ذلك القربان وهو البر الذي يتقرب به إلى الله . وأصله مصدر كالكفران والرجحان . ثم سمي به نفس المتقرب به إلى الله ومنه قوله عليه السلام لكعب بن عجرة : " يا كعب ، الصوم جنة والصلاة قربان " أي بها يتقرب إلى الله ويستشفع في الحاجة لديه . وللعلماء فيما ادعاه اليهود قولان : قال السدي : إن هذا الشرط جاء في التوراة مع الاستثناء . قال : من جاءكم يزعم أنه رسول الله فلا تصدقوه حتى يأتيكم بقربان تأكله النار إلا المسيح ومحمداً . فكانت هذه العادة جارية إلى مبعث المسيح ثم زالت . وقيل : إنه افتراء لأن المعجزات كلها في كونها خارقة للعادة وآية لصحة النبوة سواء ، فأي فائدة في تخصيصها ؟ ولأنه إما أن يكون في التوراة أن مدعي النبوة وإن جاء بجميع الآيات لا تقبلوا قوله إلا أن يجيء بهذه الآية المعينة ، وحينئذٍ لا تكون سائر المعجزات دالة على الصدق ، وإذا جاز الطعن فيها جاز في هذه . وإما أن يكون فيها أن مدعي النبوة يطالب بالمعجزة أية كانت . وحينئذٍ يكون طلب هذا المعجز المعين عبثاً فلهذا نسبهم الله تعالى إلى الجحود والعناد فقال : { قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم } أي بمدلوله ومؤدّاه { فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين } إنما الإيمان يجب عند الإتيان بالقربان . وإنما ذكر مجيء الرسل بالبينات ولم يقتصر على مجيء القربان ليتم الإلزام . وذلك أن القوم يحتمل أن يقولوا إن الإتيان بهذا القربان شرط للنبوة لا موجب لها ، والشرط يلزم من عدمه عدم المشروط لكن لا يلزم من وجوده وجود المشروط . فلو اكتفى بذكر القربان لم يتم الإلزام ، وحيث أضاف إليه البينات ثبت أنهم أتوا بالموجب وبالشرط جميعاً ، فكان الإقرار بالنبوة واجباً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.