مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يُرِدۡكَ بِخَيۡرٖ فَلَا رَآدَّ لِفَضۡلِهِۦۚ يُصِيبُ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (107)

{ وَإِن يَمْسَسْكَ الله } يصبك { بِضُرّ } مرض { فَلاَ كاشف لَهُ } لذلك الضر { إِلاَّ هُوَ } إلاَّ الله { وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ } عافية { فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ } فلا رادَّ لمراده { يُصَيبُ بِهِ } بالخير { مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } قطع بهذه الآية على عباده طريق الرغبة والرهبة إلا إليه والاعتماد إلا عليه { وَهُوَ الغفور } المكفر بالبلاء { الرحيم } المعافي بالعطاء ، أتبع النهي عن عبادة الأوثان ووصفها بأنها لا تنفع ولا تضر أن الله هو الضار النافع الذي إن أصابك بضر لم يقدر على كشفه إلا هو وحده دون كل أحد ، فكيف بالجماد الذي لا شعور به ؟ وكذا إن أرادك بخير لم يرد أحد ما يريده بك من الفضل والإحسان فكيف بالأوثان ؟ وهو الحقيق إذاً بأن توجه إليه العبادة دونها وهو أبلغ من قوله { إِنْ أَرَادَنِىَ الله بِضُرّ هَلْ هُنَّ كاشفات ضُرّهِ أَوْ أَرَادَنِى بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ ممسكات رَحْمَتِهِ } [ الزمر : 38 ] وإنما ذكر المس في أحدهما والإرادة في الآخر كأنه أراد أن يذكر الأمرين : الإرادة والإصابة في كل واحد من الضر والخير ، وأنه لاراد لما يريد منهما ولا مزيل لما يصيب به منهما ، فأوجز الكلام بأن ذكر المس وهو الإصابة في أحدهما والإرادة في الآخر ليدل بما ذكر على ما ترك على أنه قد ذكر الإصابة بالخير في قوله { يصيب به من يشاء من عباده }