{ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ 107 }
4 { وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ . . . } الآية .
أي : وإن تتعرض لضرر يمس جسمك أو مالك ؛ من مرض أو فقر أو ألم ، فلا كاشف أو لا رافع له إلا الله .
{ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ } .
وإن يردك أو يخصك الله بخير منه في دينك أو دنياك ، من نصر ورخاء ونعمة وعافية ، فلا دافع لفضله إلا الله ؛ إذ لا راد لقضائه ، ولا معقب لحكمه ، ولا مانع لفضله ، وهو القادر على كل شيء ؛ يمنح ويمنع ويعطي ويحرم ، يفعل كل ذلك بحكمة وعلم .
«وكل خير من الله تعالى فهو تفضل منه سبحانه ؛ لأن نعمه التي تنزل على عباده ؛ تنزل عليهم بلا استحقاق منهم عليه ، بل هو المبتدئ لهم بالنعم دون استحقاق ، ومن ذلك : ابتداؤه بخلقهم ، وإحسان صورهم ، وتمكينهم في الأرض ، وكل ما أنعم به عليهم ، ومنه : الهداية ، ومنه : النبوة ، التي اختص بها محمد صلى الله عليه وسلم ، فهي من فضل الله لا يقدر أحد أن يردها . { يصيب به } . أي : بفضله ، { من يشاء من عباده } . بمحض اختيار المولى سبحانه وتعالى » . xli
وفي كتاب الجوهرة : وهو منظومة فنية في علم التوحيد :
ولم تكن نبوة مكتسبة *** ولو رقى في الخير أعلى عقبة
بل ذاك فضل الله يؤتيه من *** يشاء جل الله واهب المنن
فإذا تفضل الله على محمد صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة ؛ فليس من حق أحد أن يعترض عليه ؛ لأن العطاء منة وتفضل من الله وحده ، قال تعالى : { أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما } . ( النساء : 54 ) . وقال تعالى : { والله يؤتي ملكه من يشاء } . ( البقرة : 247 ) ، وقال سبحانه : { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } . ( آل عمران : 26 ) .
فالله صاحب الفضل ، وهو صاحب التصرف في هذا الفضل ،
{ يصيب من يشاء من عباده } ، والله تعالى كثير الصفح والعفو وهو أهل التقوى وأهل المغفرة ، ومن جملة ما يغفره : تقصير عباده عن إحصاء نعمه تعالى ، وهو سبحانه غافر الذنب وقابل التوب .
{ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } . كثير المغفرة والرحمة .
والله تعالى له حكمة سامية في إصابة بعض الناس بالضر والبلاء ، فقد يكون ذلك اختبارا لهم وامتحانا لصبرهم وثباتهم ، قال تعالى : { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } . ( الأنبياء : 35 ) . وقد يكون البلاء لرفع المنزلة ، أو تكفير لذنب .
روى البخاري في صحيحه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما يصيب المسلم من نصب ، ولا وصب ، ولا هم ولا حزن ، ولا أذى ، ولا غم ، حتى الشوكة يشاكها ؛ إلا كفر الله بها من خطاياه ) . xlii
وكما يكون الضر ابتلاء من الله لعباده لإظهار مدى إيمانهم وصبرهم ، يكون الخير كذلك لإظهار مدى شكرهم له وإقبالهم عليه ، قال تعالى : { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } . ( الأنبياء : 35 ) . و قد يكون الخير تكريما من الله لعباده الصالحين ، وتعجيلا بنصيب من الثواب في الدنيا ، قال تعالى : { للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين } . ( النحل : 30 ) ، وكما قال سبحانه : { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا } . ( الطلاق : 4 ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.