الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يُرِدۡكَ بِخَيۡرٖ فَلَا رَآدَّ لِفَضۡلِهِۦۚ يُصِيبُ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} (107)

قوله تعالى : { وَإِن يَمْسَسْكَ } : قد تقدَّم ما في ذلك من صناعة البديع في سورة الأنعام . وقال هنا في جواب الشرط الأول بنفي عام وإيجاب ، وفي جواب الثاني بنفي عام دونَ إيجاب ، لأنَّ ما أراده لا يَرُدُّه رادٌّ ، لا هو ولا غيره ؛ لأن إرادتَه قديمةٌ لا تتغيَّر ، فلذلك لم يَجِيْء التركيب فلا رادَّ له إلا هو ، هذه عبارةُ الشيخ ، وفيها نظرٌ ، وكأنه يقول بخلاف الكشف فإنه هو الفاعل لذلك وحدَه دون غيره بخلافِ إرادته تعالى ، فإنها لا يُتَصَوَّر فيها الوقوعُ على خلافها ، وهي مسألةٌ خلافية بين أهل السنة والاعتزال . قال الزمخشري : " فإن قلت : لِمَ ذُكِر المَسُّ في أحدهما والإِرادةُ في الثاني ؟ قلت : كأنه أراد أن يذكر الأمرين جميعاً : الإِرادة والإِصابة في كلِّ واحد من الضُّر والخير ، وأنه لا رادَّ لِما يريده منهما ، ولا مُزيلَ لما يُصيب به منهما ، فأوجزَ الكلام بأنْ ذكرَ المَسَّ وهو الإِصابةُ في أحدهما والإِرادة في الآخر ليدلَّ بما ذَكَرَ على ما تَرَك ، على أنه قد ذَكَر الإِصابة في الخير في قوله : { يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ } .