مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَقَدۡ مَكَرُواْ مَكۡرَهُمۡ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكۡرُهُمۡ وَإِن كَانَ مَكۡرُهُمۡ لِتَزُولَ مِنۡهُ ٱلۡجِبَالُ} (46)

{ وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ } أي مكرهم العظيم الذي استفرغوا فيه جهدهم وهو ما فعلوه من تأييد الكفر وبطلان الإسلام { وَعِندَ الله مَكْرهُمْ } وهو مضاف إلى الفاعل كالأول والمعنى ومكتوب عند الله مكرهم فهو مجازيهم عليه بمكر هو أعظم منه أو إلى المفعول أي عند الله مكرهم الذي يمكرهم به وهو عذابهم الذي يأتيهم من حيث لا يشعرون { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجبال } بكسر اللام الأولى ونصب الثانية والتقدير : وإن وقع مكرهم لزوال أمر النبي صلى الله عليه وسلم فعبر عن النبي عليه السلام بالجبال لعظم شأنه ، و«كان تامة » و«إن » نافية واللام مؤكدة لها كقوله { وَمَا كَانَ الله لِيُعَذّبَهُمْ } [ الأنفال : 33 ] والمعنى ومحال أن تزول الجبال بمكرهم على أن الجبال مثل لآيات الله وشرائعه لأنها بمنزلة الجبال الراسية ثباتاً وتمكناً دليله قراءة ابن مسعود { وما كان مكرهم } وبفتح اللام الأولى ورفع الثانية عليُّ ، أي وإن كان مكرهم من الشدة بحيث تزول منه الجبال وتنقطع عن أماكنها ف «إن » مخففة من «إن » واللام مؤكدة .