مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{۞وَمِنۡهُم مَّنۡ عَٰهَدَ ٱللَّهَ لَئِنۡ ءَاتَىٰنَا مِن فَضۡلِهِۦ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (75)

{ وَمِنْهُمْ مَّنْ عاهد الله } روي أن ثعلبة بن حاطب قال : يا رسول الله ادع الله يرزقني مالاً فقال عليه السلام : « يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه » فراجعه وقال : والذي بعثك بالحق لئن رزقني مالاً لأعطين كل ذي حق حقه . فدعا له فاتخذ غنماً فنمت كما ينمى الدود حتى ضاقت بها المدينة ، فنزل وادياً وانقطع عن الجمعة والجماعة ، فسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل : كثر ماله حتى لا يسعه وادٍ فقال :

" يا ويح ثعلبة " فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدّقين لأخذ الصدقات فاستقبلهما الناس بصدقاتهم ، ومرا بثعلبة فسألاه الصدقة فقال : ما هذه إلا جزية وقال : ارجعا حتى أرى رأيي ، فلما رجعا قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يكلماه : «يا ويح ثعلبة » مرتين ، فنزلت فجاء ثعلبة بالصدقة فقال : إن الله منعني أن أقبل منك فجعل التراب على رأسه ، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء بها إلى أبي بكر رضي الله عنه فلم يقبلها ، وجاء بها إلى عمر رضي الله عنه في خلافته فلم يقبلها ، وهلك في زمان عثمان رضي الله عنه { لَئِنْ ءاتانا مِن فَضْلِهِ } أي المال { لَنَصَّدَّقَنَّ } لنخرجن الصدقة والأصل «لنتصدقن » ولكن التاء أدغمت في الصاد لقربها منها { وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصالحين } بإخراج الصدقة