{ وَمِنْهُمْ مَّنْ عاهد الله } ، قال في رواية الكلبي : نزلت الآية في شأن حاطب بن أبي بلتعة ، كان له مال بالشام فجهد بذلك جهداً شديداً فحلف بالله { لَئِنْ ءاتانا مِن فَضْلِهِ } ، يعني : المال الذي بالشام ، { لَنَصَّدَّقَنَّ } منه ولأؤدين حق الله تعالى منه ، فلم يفعل لمَّا أعطاه الله المال . قال مقاتل : نزلت في ثعلبة بن حاطب الأنصاري كان محتاجاً ، فقال : { لَئِنْ ءاتانا *** الله مِن فَضْلِهِ **لَنَصَّدَّقَنَّ ولنكونن من الصالحين } فابتلاه الله فرزقه ذلك ، وذلك أن مولى لعمر بن الخطاب قتل رجلاً من المنافقين خطأ ، فدفع النبي صلى الله عليه وسلم ديته إلى عصبته وهو ثعلبة ، فبخل ومنع حق الله تعالى .
قال الفقيه : حدثنا أبو الفضل بن أبي حفص قال : حدثنا أبو جعفر الطحاوي قال : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي قال : حدثنا أسد بن موسى قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا معاذ بن رفاعة ، عن عليّ بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة أن ثعلبة بن حاطب الأنصاري جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ادع الله لي أن يرزقني مالاً . فقال : « وَيْحَكَ يَا ثَعْلَبَةُ ، قَلِيلٌ تُؤَدِّي شُكْرَهُ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ لا تُطِيقُهُ » . قال : ثم رجع إليه فقال : يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالاً ، فقال : « وَيْحَكَ يَا ثَعْلَبَةُ ، أمَا تَرْضَى أنْ تَكُونَ مِثْلِي ؟ وَالله لَوْ سَأَلْتُ الله تَعَالَى أنْ يُسِيلَ عَلَيَّ الْجِبَالَ ذَهَباً وَفِضَّةً . لَسَالَتْ » . ثم رجع إليه فقال : يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالاً ، فوالله لئن آتاني الله مالاً لأؤدين لكل ذي حق حقه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اللَّهُمَّ ارْزُقْ ثَعْلَبَةَ مَالاً » . فاتَّخذ غنماً فنمت كما ينمو الدود ، حتى ضاقت بها أزقة المدينة فتنحى بها وكان يشهد الصلوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يخرج إليها ثم نمت حتى تعذرت عليها مراعي المدينة فتنحى بها ، وكان يشهد الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم يخرج إليها ثم نمت ، فترك الجمعة والجماعات وجعل يتلقى الركبان ويقول : ماذا عندكم من الخير ؟ وما كان من أمر الناس ؟ فأنزل الله تعالى على رسوله : { خُذْ مِنْ أموالهم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صلواتك سَكَنٌ لَّهُمْ والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [ التوبة : 103 ] فاستعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلين على الصدقات : رجلاً من الأنصار ، ورجلاً من بني سليم ، وكتب لهما كتاب الصدقة ، وأمرهما أن يصدقا الناس ، وأن يمرا بثعلبة فيأخذا منه صدقة ماله .
فأتيا ثعلبة وطلبا منه ، فقال : صدِّقا الناس ، فإذا فرغتما فمرا بي .
ففعلا ، فلما رجعا إليه وطلبا منه فأبى وقال : ما هذه إلا أخية الجزية . فانطلقا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبراه فأنزل الله تعالى : { وَمِنْهُمْ مَّنْ عاهد الله لَئِنْ ءاتانا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصالحين * فَلَمَّا ءاتَاهُمْ مّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِى قُلُوبِهِمْ إلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ } .
فركب رجل من الأنصار هو ابن عم لثعلبة راحلته حتى أتى ثعلبة فقال : ويحك يا ثعلبة هلكت قد أنزل الله فيك من القرآن كذا وكذا : فأقبل ثعلبة بن حاطب وجعل على رأسه التراب وهو يبكي ويقول : يا رسول الله اقبض مني صدقة مالي . فلم يقبض منه صدقة حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أتى إلى أبي بكر فلم يقبل منه صدقته ؛ ثم أتى إلى عمر فلم يقبل صدقته ؛ ثم أتى إلى عثمان فلم يقبل صدقته ومات في خلافة عثمان ، فذلك قوله : { فَلَمَّا ءاتَاهُمْ }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.