إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{۞وَمِنۡهُم مَّنۡ عَٰهَدَ ٱللَّهَ لَئِنۡ ءَاتَىٰنَا مِن فَضۡلِهِۦ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (75)

{ وَمِنْهُمُ } بيانٌ لقبائح بعضٍ آخرَ منهم { منْ عاهد الله لَئِنْ ءاتانا مِن فَضْلِهِ لَنَصدَّقَنَّ } لنؤتين الزكاةَ وغيرَها من الصدقات { وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصالحين } قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : يريد الحج وقرىء بالنون الخفيفة فيهما . قيل : نزلت في ثعلبةَ بنِ حاطب أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : ادعُ الله أن يرزُقَني مالاً فقال عليه الصلاة والسلام : " يا ثعلبةُ قليلٌ تؤدّي حقه خيرٌ من كثير لا تطيقه " فراجعه وقال : والذي بعثك بالحق لئن رزقني الله مالاً لأعطين كلَّ ذي حق حقَّه فدعا له فاتخذ غنماً فنمت كما ينمي الدودُ حتى ضاقت بها المدينةُ فنزل وادياً وانقطع عن الجماعة والجمعة فسأل عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقيل : كثرُ مالُه حتى لا يسعُه وادٍ فقال : «يا ويحَ ثعلبةَ » فبعث مصدِّقين لأخذ الصدقات فاستقبلها الناسُ بصدقاتهم ومرا بثعلبةَ فسألاه الصدقة وأقرآه كتابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الذي فيه الفرائضُ فقال : ما هذه إلا أختُ الجزية وقال : ارجعا حتى أرى رأيي وذلك قوله عز وجل : { فَلَمَّا ءاتَاهُمْ من فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ } .