أخرج الحسن بن سفيان وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والعسكري في الأمثال والطبراني وابن منده والباوردي وأبو نعيم في معرفة الصحابة وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال « جاء ثعلبة بن حاطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا . قال : ويحك يا ثعلبة . . . ! أما ترضى أن تكون مثلي ؟ فلو شئت أن يسير ربي هذه الجبال معي لسارت . قال : يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا ، فوالذي بعثك بالحق إن آتاني الله مالاً لأعطين كل ذي حق حقه . قال : ويحك يا ثعلبة . . . ! قليل تطيق شكره خير من كثير لا تطيق شكره . فقال : يا رسول الله ، ادع الله تعالى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهمَّ ارزقه مالاً . فاتَّجَرَ واشترى غنماً فبورك له فيها ونمت كما ينمو الدود حتى ضاقت به المدينة فتنحى بها - فكان يشهد الصلاة بالنهار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يشهدها بالليل ، ثم نمت كما ينمو الدود فتنحى بها ، فكان لا يشهد الصلاة بالنهار ولا بالليل إلا من جمعة إلى جمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم نمت كما ينمو الدود فضاق به مكانه فتنحى به ، فكان لا يشهد جمعة ولا جنازة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل يتلقى الركبان ويسألهم عن الأخبار . وفقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنه ؟ فأخبروه أنه اشترى غنماً ، وأن المدينة ضاقت به وأخبروه بخبره . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويح ثعلبة بن حاطب . . . ! ثم إن الله تعالى أمر رسوله أن يأخذ الصدقات ، وأنزل الله تعالى { خذ من أموالهم صدقة } [ التوبة : 103 ] الآية . فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين ، رجلاً من جهينة ورجلاً من بني سلمة يأخذان الصدقات ، فكتب لهما أسنان الإبل والغنم كيف يأخذانها على وجهها ، وأمرهما أن يمرا على ثعلبة بن حاطب وبرجل من بني سليم ، فخرجا فمرا بثعلبة فسألاه الصدقة . فقال : أرياني كتابكما ، فنظر فيه فقال : ما هذا إلا جزية ، انطلقا حتى تفرغا ثم مرا بي . قال : فانطلقا وسمع بهما السليمي فاستقبلهما بخيار إبله فقالا : إنما عليك دون هذا . فقال : ما كنت أتقرب إلى الله إلا بخير مالي ! فقبلاه ، فلما فرغا مرا بثعلبة فقال : أرياني كتابكما . فنظر فيه فقال : ما هذا إلا جزية . انطلقا حتى أرى رأيي . فانطلقا حتى قدما المدينة ، فلما رآهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قبل أن يكلمهما : ويح ثعلبة بن حاطب . ودعا للسليمي بالبركة ، وأنزل الله { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن } الثلاث آيات . قال : فسمع بعض من أقارب ثعلبة فأتى ثعلبة فقال : ويحك يا ثعلبة . . . ! أنزل الله فيك كذا وكذا . قال : فقدم ثعلبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هذه صدقة مالي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى قد منعني أن أقبل منك قال : فجعل يبكي ويحثي التراب على رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا عملك بنفسك أمرتك فلم تطعني ، فلم يقبل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى .
ثم أتى أبا بكر فقال : يا أبا بكر اقبل مني صدقتي ، فقد عرفت منزلتي من الأنصار . فقال أبو بكر : لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبلها ؟ ! فلم يقبلها أبو بكر ، ثم ولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فأتاه فقال : يا أبا حفص يا أمير المؤمنين اقبل مني صدقتي . وتوسل إليه بالمهاجرين والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم . فقال عمر : لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر أقبلها أنا ؟ ! فأبى أن يقبلها ، ثم ولي عثمان فهلك في خلافة عثمان ، وفيه نزلت { الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات } [ التوبة : 79 ] قال : وذلك في الصدقة » .
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين } وذلك أن رجلاً كان يقال له ثعلبة من الأنصار ، أتى مجلساً فاشهدهم فقال : لئن آتاني الله من فضله آتيت كل ذي حق حقه وتصدقت منه وجعلت منه للقرابة . فابتلاه الله فأتاه من فضله . فخلف ما وعده ، فأغضب الله بما أخلفه ما وعده نقص الله شأنه في القرآن .
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال : اعتبروا المنافق بثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وذلك بأن الله تعالى يقول { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن } إلى آخر الآية .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ عن عبد الله بن عمر قال : ثلاث من كن فيه فهو منافق . إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان . وتلا هذه الآية { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله } إلى آخر الآية .
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « آية المنافق ثلاث . إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان » .
وأخرج أبو الشيخ والخرائطي في مكارم الأخلاق عن محمد بن كعب القرظي قال : سمعت بالثلاث التي تذكر في المنافق . إذا ائتمن خان ، وإذا وعد أخلف ، وإذا حدث كذب ، فالتمستها في الكتاب زماناً طويلاً حتى سقطت عليها بعد حين ، وجدنا الله تعالى يذكر فيه { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله } إلى قوله { وبما كانوا يكذبون } و { إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض } [ الأحزاب : 72 ] إلى آخر الآية { إذا جاءك المنافقون } [ المنافقون : 1 ] إلى قوله { والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } .
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن أن رجلاً من الأنصار هو الذي قال هذا ، فمات ابن عم له فورث منه مالاً فبخل به ولم يف الله بما عاهد عليه ، فأعقبه بذلك نفاقاً إلى أن يلقاه قال : ذلك { بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون } .
وأخرج أبو الشيخ عن أبي قلابة قال : مثل أصحاب الأهواء مثل المنافقين كلامهم شتى وجماع أمرهم النفاق ، ثم تلا { ومنهم من عاهد الله } { ومنهم من يلمزك } [ التوبة : 58 ] { ومنهم الذين يؤذون النبي } [ التوبة : 61 ] .
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله { بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون } قال : « اجتنبوا الكذب فإنه باب من النفاق ، وعليكم بالصدق فإنه باب من الإِيمان ، وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدث » أن موسى عليه الصلاة والسلام لما جاء بالتوراة لبني إسرائيل قالت بنو إسرائيل : إن التوراة كثيرة ، وإنا لا نفرغ لها فسل لنا جماعاً من الأمر نحافظ عليه ونتفرغ لمعايشنا . قال : مهلاً مهلاً أي قوم ، هذا كتاب الله وبيان الله ونور الله وعصمة الله . فردوا عليه مثل مقالتهم ، فعل ذلك ثلاث مرات فقال الرب تبارك وتعالى : فإني آمرهم إن هم حافظوا عليهن دخلوا الجنة بهن : أن يتناهوا إلى قسمة مواريثهم ولا يتظالموا فيها ، وأن لا يدخلوا أبصارهم البيوت حتى يؤذن لهم ، وأن لا يطعموا طعاماً حتى يتوضأوا كوضوء الصلاة . فرجع موسى عليه السلام إلى قومه بهن ففرحوا ، ورأوا أن سيقومون بهن ، فوالله إن لبث القوم إلا قليلاً حتى جنحوا فانقطع بهم فلما حدث نبي الله صلى الله عليه وسلم هذا عن بني إسرائيل قال : تكفلوا لي بست أتكفل لكم بالجنة . إذا حدثتم فلا تكذبوا ، وإذا وعدتم فلا تخلفوا ، وإذا ائتمنتم فلا تخونوا ، وغضوا أبصاركم ، وكفوا أيديكم ، وفروجكم « قال قتادة : شداد والله إلا من عصم الله » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.