محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُوٓاْ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗ وَأَثَارُواْ ٱلۡأَرۡضَ وَعَمَرُوهَآ أَكۡثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (9)

{ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ } أي قلبوها للزراعة واستخراج المعادن وغيرهما ، مما كانوا أرقى فيه من أهل مكة { وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا } أي بالأبنية المشيدة . والصناعات الفريدة ، ووفرة العدد والعدد ، وتنظيم الجيوش والتزين بزخارف أعجبوا بها ، واستطالوا بأبهتها . ففسدت ملكاتهم ، وطغت شهواتهم ، حتى اقتضت حكمته تعالى إنذارهم بأنبيائهم ، كما قال : { وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ } أي الآيات الواضحات على حقية ما يدعونهم إليه { فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ } أي فكذبوهم فأهلهكم . فما كان الله ليهلكهم من غير جرم منهم { وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }