محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يَمۡسَسۡكَ بِخَيۡرٖ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (17)

ثم ذكر تعالى دليلا آخر ، في أنه لا يجوز للعاقل أن يتخذ وليا غير الله تعالى ، بقوله :

/ [ 17 ] { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير ( 17 ) } .

{ وإن يمسسك الله بضر } أي ببلية ، كفقر ومرض ونحوهما . و ( الضر ) : اسم جامع لما ينال الإنسان من مكروه ، { فلا كاشف له إلا هو } أي : فلا يقدر على دفعه إلا هو وحده . { وإن يمسسك بخير } من عافية ورخاء ونحوهما : و ( الخير ) اسم جامع لما ينال الإنسان من محبوب له ، { فهو على كل شيء قدير } أي : ومن جملته ذلك ، فيقدر عليه ، فيمسك به ، ويحفظه عليك من غير أن يقدر على دفعه أو رفعه أحد . كقوله تعالى : { فلا راد لفضله }{[3378]} . وكقوله سبحانه : { ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده }{[3379]} .

وفي ( الصحيح ) {[3380]} أن رسول الله كان يقول : " اللهم  ! لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " .

/ وعن ابن عباس رضي الله عنه{[3381]} قال : " كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا غلام  ! إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله . واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء ، قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك . رفعت الأقلام ، وجفت الصحف " - رواه الترمذي- وقال : حسن صحيح .


[3378]:- [10/يونس/ 107] ونصها:{وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم (107)}.
[3379]:- [35/ فاطر/ 2] {... وهو العزيز الحكيم (2)}.
[3380]:- أخرجه البخاري في: 10- كتاب الأذان، 155- باب الذكر بعد الصلاة، حديث رقم 500 وهذا نصه: عن وراد، كاتب المغيرة بن شعبة، في كتاب إلى معاوية؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. اللهم ! لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
[3381]:- أخرجه الترمذي في: 35- كتاب القيامة، 59- باب حدثنا بشر بن هلال البصري.