قوله تعالى : { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } يعني : الآيات العظام . وقيل : أراد ما رأى تلك الليلة في مسيره وعوده ، دليله قوله : { لنريه من آياتنا }( الإسراء-1 ) وقيل : معناه لقد رأى من آيات ربه الآية الكبرى .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنبأنا عبد الغافر بن محمد ، أنبأنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا عبد الله بن معاذ العنبري ، حدثنا أبي ، حدثنا شعبة عن سليمان الشيباني سمع زر بن حبيش عن عبد الله قال : لقد رأى من آيات ربه الكبرى قال : رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح .
وأخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا حفص بن عمر ، وحدثنا شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة ، عن عبد الله :{ لقد رأى من آيات ربه الكبرى } قال : رأى رفرفاً أخضر سد أفق السماء .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{لقد رأى} محمد صلى الله عليه وسلم {من آيات ربه الكبرى}...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"لَقَدْ رأَى مِنْ آياتِ رَبّهِ الكُبْرَى "يقول تعالى ذكره: لقد رأى محمد هنالك من أعلام ربه وأدلته الأعلام والأدلة الكبرى... واختلف أهل التأويل في تلك الآيات الكبرى؛
فقال بعضهم: رأى رَفْرفا أخضر قد سدّ الأفق...
وقال آخرون: رأى جبريل في صورته...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{لَقَدْ رأى} والله لقد رأى {مِنْ ءايات رَبِّهِ} الآيات التي هي كبراها وعظماها، يعني: حين رقى به إلى السماء فأري عجائب الملكوت...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
قوله تعالى: {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} قال جماعة من أهل التأويل معناه: رأى الكبرى من آيات ربه، والمعنى {من آيات ربه} التي يمكن أن يراها البشر، ف {الكبرى} على هذا مفعول ب {رأى}.
وقال آخرون المعنى: {لقد رأى} بعضاً {من آيات ربه الكبرى}، ف {الكبرى} على هذا وصف للآيات...
{لقد رأى من آيات ربه الكبرى}: فيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم، رأى ليلة المعراج آيات الله، ولم ير الله، وفيه خلاف ووجهه: هو أن الله تعالى ختم قصة المعراج هاهنا برؤية الآيات...
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :
{لقد رأى من آيات ربه الكبرى} أي والله لقد رأى من آياته وعجائبه الملكية والملكوتية ليلة المعراج وقد قيل إنها المعنية بما {رأى}.
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
{لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}، كقوله: {لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا} [طه: 23] أي: الدالة على قدرتنا وعظمتنا. وبهاتين الآيتين استدل من ذهب من أهل السنة أن الرؤية تلك الليلة لم تقع؛ لأنه قال: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}، ولو كان رأى ربه لأخبر بذلك ولقال ذلك للناس، وقد تقدم تقرير ذلك في سورة "سبحان"...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{لقد رأى} أي أبصر بسبب ما أهلناه له من الرسالة إبصاراً سارياً إلى البواطن غير مقتصر على الظواهر {من آيات ربه} أي المحسن إليه بما لم يصل إليه أحد قبله ولا يصل إليه أحد بعده، ومن ادعى ذلك فهو كافر {الكبرى} من ذلك ما رآه في السماوات من الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام إشارة بكل شيء إلى أمر دقيق جليل وحالة شريفة.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وقد عاين فيها من آيات ربه الكبرى، واتصل قلبه بالحقيقة عارية مباشرة مكشوفة.
فالأمر إذن -أمر الوحي- أمر عيان مشهود. ورؤية محققة. ويقين جازم. واتصال مباشر. ومعرفة مؤكدة. وصحبة محسوسة. ورحلة واقعية. بكل تفصيلاتها ومراجعها.. وعلى هذا اليقين تقوم دعوة (صاحبكم) الذي تنكرون عليه وتكذبونه وتشككون في صدق الوحي إليه. وهو صاحبكم الذي عرفتموه وخبرتموه. وما هو بغريب عنكم فتجهلوه وربه يصدقه ويقسم على صدقه. ويقص عليكم كيف أوحى إليه. وفي أي الظروف. وعلى يد من وكيف لاقاه. وأين رآه!
" لقد رأى من آيات ربه الكبرى " قال ابن عباس : رأى رفرفا سد الأفق . وذكر البيهقي عن عبدالله قال : ( " رأى من آيات ربه الكبرى " قال ابن عباس : رأى رفرفا أخضر سد أفق السماء . وعنه قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في حلة رفرف أخضر ، قد ملأ ما بين السماء والأرض ) قال البيهقي : قوله في الحديث ( رأى رفرفا ) يريد جبريل عليه السلام في صورته في رفرف ، والرفرف البساط . ويقال : فراش . ويقال : بل هو ثوب كان لباسا له ، فقد روي أنه رآه في حلة رفرف .
قلت : خرجه الترمذي عن عبدالله قال : ( " ما كذب الفؤاد ما رأى " قال : رأى وسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في حلة من رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض ) قال : هذا حديث حسن صحيح .
قلت : وقد روي عن ابن عباس في قوله تعالى : " دنا فتدلى " أنه على التقديم والتأخير ، أي تدلى الرفرف لمحمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج فجلس عليه ثم رفع فدنا من ربه . قال : ( فارقني جبريل وانقطعت{[14372]} عني الأصوات وسمعت كلام ربي ) فعلى هذا الرفرف ما يقعد ويجلس عليه كالبساط وغيره . وهو بالمعنى الأول جبريل . قال عبدالرحمن بن زيد ومقاتل بن حيان : رأى جبريل عليه السلام في صورته التي يكون فيها في السموات ، وكذا في صحيح مسلم عن عبدالله قال : " لقد رأى من آيات ربه الكبرى " قال رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح . ولا يبعد مع هذا أن يكون في حلة رفرف وعلى رفرف . والله أعلم . وقال الضحاك : رأى سدرة المنتهى . وعن ابن مسعود : رأى ما غشي السدرة من فراش الذهب ، حكاه الماوردي . وقيل : رأى المعراج . وقيل : هو ما رأى تلك الليلة في مسراه في عوده وبدئه ، وهو أحسن ، دليله : " لنريه من آياتنا{[14373]} " [ الإسراء : 1 ] و " من " يجوز أن تكون للتبعيض ، وتكون " الكبرى " مفعولة ل " رأى " وهي في الأصل صفة الآيات ووحدت لرؤوس الآيات . وأيضا يجوز نعت الجماعة بنعت الأنثى ، كقوله تعالى : " ولي فيها مآرب أخرى{[14374]} " [ طه : 18 ]وقيل : " الكبرى " نعت لمحذوف ، أي رأى من آيات ربه الكبرى . ويجوز أن تكون " من " زائدة ، أي رأى آيات ربه الكبرى . وقيل : فيه تقديم وتأخير ، أي رأى الكبرى من آيات ربه .
قوله : { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } أي رأى جبريل في صورته الحقيقية وقد سد بجانحيه الأفق . وقيل : المراد بآيات الله الكبرى ما رآه في تلك الليلة في ذهابه وفي إيابه من عجائب الخلائق في ملكوت الله{[4375]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.