تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبٗا فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱرۡجُواْ ٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (36)

مدين : اسم قرية شعيب في شمال الحجاز ، وشُعيب عربي .

وارجوا اليوم الآخر : توقعوا يوم القيامة وما يحدث فيه من أهوال . لا تعثوا : لا تفسدوا .

تقدم ذكر قصة شعيب في سورة الأعراف وهود والشعراء بأطولَ مما هنا ، وكذلك مرت قصة صالح مع قومه عادٍ في سورة الأعراف وهود وغيرها ، وهم عربٌ مساكنهم في الأحقاف في شمال حضرموت . وموضع بلادهم اليوم رمال خالية على أطراف الرَّبع الخالي . وصالح وقومه ثمود عربٌ أيضا ، ومساكنهم الحِجر في شمال الحجاز وتُعرف اليوم بمدائن صالح ، وأسماؤهم عربية . وهذا نصّ وجده المنقبون على حجرٍ بالحرف النبطي وتاريخه قبل الميلاد :

« هذا القبرُ الذي بنته كمكم بنتُ وائلة بنت حرم وكليبة انتها لأنفسِهن وذريتهن ، في أشهرٍ طيبةٍ من السنة التاسعة للحارث ملك النبطيين محب شعبه . . . . الخ » .

لقد أهلك الله قوم شعيب في « مدين » .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِلَىٰ مَدۡيَنَ أَخَاهُمۡ شُعَيۡبٗا فَقَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱرۡجُواْ ٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (36)

ولما كان السياق لإثبات يوم الدين وإهلاك المفسدين ، ولمن طال ابتلاؤه من الصالحين ولم يجد له ناصراً من قومه ، إما لغربته عنهم ، وإما لقلة عشيرته وعدم أتباعه ، وكان شعيب عليه السلام ممن استضعفه قومه واستقلوا عشيرته لتسميتهم لهم رهطاً ، والرهط ما دون العشرة أو من سبعة إلى عشرة ، وما دون السبعة إلى الثلاثة نفر ، فكان عليه السلام كذلك في هذا العداد ، عقب قصة لوط بقصته عليه الصلاة والسلام فقال : { وإلى } أي ولقد أرسلنا إلى { مدين أخاهم } أي من النسب والبلد { شعيباً } .

ولما كان مقصود السورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير فترة ، عبر بالفاء فقال : { فقال } أي فتسبب عن إرساله وتعقبه أن قال : { يا قوم اعبدوا الله } أي الملك الأعلى وحده ، ولا تشركوا به شيئاً ، فإن العبادة التي فيها شرك عدم ، لأن الله تعالى أغنى الشركاء فهو لا يقبل إلا ما كان له خالصاً .

ولما كان السياق لإقامة الأدلة على البعث الذي هو من مقاصد السورة قال : { وارجوا اليوم الآخر } أي حسن الجزاء فيه لتفعلوا ما يليق بذلك { ولا تعثوا في الأرض } حال كونكم { مفسدين* } أي متعمدين الفساد .