{ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات } : أي وإذا قرئت عليهم الآيات الدالة على البعث والجزاء الأخرى بوضوح .
{ ما كان حجتهم } : أي لم تكن لهم من حجة إلا قولهم .
{ إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا } : إلا قولهم احيوا لنا آباءنا الذين ماتوا وأتوا بهم إلينا .
{ إن كنتم صادقين } : إن كنتم صادقين فيما تخبروننا به من البعث والجزاء .
وقوله تعالى { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات } أي وإذا قرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم آيات القرآن الدالة على البعث والجزاء تدعوهم إلى الإيمان به واعتقاده { ما كان حجتهم } أي لم تكن لهم من حجة يردُّون بها ما دعوا إليه إلا قولهم : { ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين } أي أحيوا لنا آباءنا الذين ماتوا وأحضروهم عندنا إن كنتم صادقين فيما تخبروننا من البعث والجزاء .
- بيان أن الكفار لا دليل لهم عقلي ولا نقليّ على صحة الكفر عقيدة كان أو عملاً .
إن هي إلا ظنون واستبعادات خالية عن الحقيقة ، ولهذا قال تعالى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } وهذا جراءة منهم على الله ، حيث اقترحوا هذا الاقتراح وزعموا أن صدق رسل الله متوقف على الإتيان بآبائهم ، وأنهم لو جاءوهم بكل آية لم يؤمنوا إلا إن تبعتهم الرسل على ما قالوا .
قوله تعالى : " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات " أي وإذ تقرأ على هؤلاء المشركين آياتنا المنزلة في جواز البعث لم يكن ثم دفع " ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين " " حجتهم " خبر كان والاسم " إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا " الموتى نسألهم عن صدق ما تقولون .
الزمخشري : فإن قلت لم سمي قولهم حجة وليس بحجة ؟ قلت : لأنهم أدلوا به كما يدلي المحتج بحجته ، وساقوه مساقها فسميت حجة على سبيل التهكم . أو لأنه في حسبانهم وتقديرهم حجة . أو لأنه في أسلوب قوله :
تحيةٌ بينهم ضربٌ وجيعُ{[1]}
كأنه قيل : ما كان حجتهم إلا ما ليس بحجة . والمراد نفي أن تكون لهم حجة البتة . فإن قلت : كيف وقع قوله : " قل الله يحييكم " جواب " ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين " ؟ قلت : لما أنكروا البعث وكذبوا الرسل ، وحسبوا أن ما قالوه قول مبكت ألزموا ما هم مقرون به من أن الله عز وجل وهو الذي يحييهم ثم يميتهم ، وضم إلى إلزام ذلك إلزام ما هو واجب الإقرار به إن أنصفوا وأصغوا إلى داعي الحق وهو جمعهم يوم القيامة ، ومن كان قادرا على ذلك كان قادرا على الإتيان بآبائهم ، وكان أهون شيء عليه .
ولما كان هذا من قولهم عجباً ، زاده عجباً بحالهم عند سماعهم للبراهين القطعية ، فقال عاطفاً على{[58240]} " قالوا " : { وإذا تتلى } أي تتابع{[58241]} بالقراءة من أيّ تال كان { عليهم آياتنا } أي{[58242]} على ما لها من العظمة {[58243]}في نفسها{[58244]} وبالإضافة إلينا حال كونها { بينات } أي في غاية المكنة في الدلالة على البعث ، فلا عذر لهم في ردها { ما كان } أي{[58245]} بوجه من وجوه الكون{[58246]} { حجتهم } أي قولهم الذي ساقوه مساق الحجة ، وهو لا يستحق أن يسمى شبهة { إلا أن قالوا } {[58247]}قولاً ذميماً ولم ينظروا إلى مبدئهم{[58248]} { ائتوا } أيها التالون للحجج البينة{[58249]} من النبي - صل الله عليه وسلم - وأتباعه {[58250]}الذين اهتدوا بهداه{[58251]} { بآبائنا } الموتى ، وحاصل هذا أنه ما كان لهم حجة إلا أن أتوا بكلام معناه : ليس لنا حجة ؛ لأنه ليس فيه شبهة فضلاً عن حجة ، وما كفاهم مناداتهم{[58252]} على أنفسهم بالجهل حتى عرضوا{[58253]} لأهل البينات بالكذب فقالوا : { إن كنتم صادقين * } أي عريقين في الكون في أهل الصدق الراسخين فيه{[58254]} من أنه سبحانه وتعالى يبعث الخلق بعد موتهم ، وذلك استبعاد منهم لأن يقدر على جمع الجسم بعد ما بلي ، وهم يقرون بأنه الذي خلق ذلك الجسم ابتداء ، ومن المعلوم قطعاً أن من قدر على إنشاء شيء من العدم قدر{[58255]} على إعادته بطريق الأولى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.