الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱئۡتُواْ بِـَٔابَآئِنَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (25)

قوله تعالى : " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات " أي وإذ تقرأ على هؤلاء المشركين آياتنا المنزلة في جواز البعث لم يكن ثم دفع " ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين " " حجتهم " خبر كان والاسم " إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا " الموتى نسألهم عن صدق ما تقولون .

الزمخشري : فإن قلت لم سمي قولهم حجة وليس بحجة ؟ قلت : لأنهم أدلوا به كما يدلي المحتج بحجته ، وساقوه مساقها فسميت حجة على سبيل التهكم . أو لأنه في حسبانهم وتقديرهم حجة . أو لأنه في أسلوب قوله :

تحيةٌ بينهم ضربٌ وجيعُ{[1]}

كأنه قيل : ما كان حجتهم إلا ما ليس بحجة . والمراد نفي أن تكون لهم حجة البتة . فإن قلت : كيف وقع قوله : " قل الله يحييكم " جواب " ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين " ؟ قلت : لما أنكروا البعث وكذبوا الرسل ، وحسبوا أن ما قالوه قول مبكت ألزموا ما هم مقرون به من أن الله عز وجل وهو الذي يحييهم ثم يميتهم ، وضم إلى إلزام ذلك إلزام ما هو واجب الإقرار به إن أنصفوا وأصغوا إلى داعي الحق وهو جمعهم يوم القيامة ، ومن كان قادرا على ذلك كان قادرا على الإتيان بآبائهم ، وكان أهون شيء عليه .


[1]:لعله عمرو بن مرة المذكور في سند الحديث (انظر ابن ماجه ج 1 ص 139 وسنن أبي داود ج 1 ص 77 طبع مصر).