اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ ٱئۡتُواْ بِـَٔابَآئِنَآ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (25)

قوله تعالى : { وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ائتوا بِآبَآئِنَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } قرأ العامة بنصب «حجتهم » . وزيدُ بْنُ عليٍّ ، وعمروُ بْنُ عُبَيد ، وعُبَيْدُ ابن عَمرو{[50717]} بالرفع وتقدم تأويل ذلك و «ما كان » جواب «إذا » الشرطية{[50718]} . وجعله أبو حيان دليلاً على عدم إعمال جواب «إذا » فيها لأن «ما » لا يعمل ما بعدها فيما قبلها .

قال : وخالفت غيرها من أدوات الشرط ، حيث لم يقترن بالفاء جوابها إذا نفي بما{[50719]} .

فصل

سمى قولهم حجة لوجوه :

الاول : لزعمهم أنه حجة .

الثاني : أن من كانت حجته هذا فليس له ألبتة حجة كقوله :

4445 . . . . . . . . . . . . . . . *** تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجيعُ{[50720]}

الثالث : أنهم ذكروها في معرض الاحتجاج بها . واعلم أنهم احتجوا على إنكار البعث بهذه الشبهة وهي شبهة ضعيفة جداً ، لأنه ليس كل ما لا يحصل في الحال يجب أن يمتنع حصوله فإن كان حصول كل واحد منا كان معدوماً من الأزل إلى الوقت الذي خلقنا فيه ، ولو كان عدم الحصول في وقت معين يدل على امتناع الحصول لكان عدم حُصُولِنا في الأزل إلى وقت خلقنا يدل على امتناع حصولنا وذلك باطلٌ .


[50717]:رويت أيضا عن الحسن ـ رضي الله عنه ـ انظر الإتحاف 390 والبحر المحيط 8/49 والكشاف 3/513، والرفع على أساس أن حجتهم اسم كان والخبر "إلا أن قالوا". والنصب على أن "حجتهم" خبر كان مقدم.
[50718]:انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج 4/434 والدر المصون 4/840والكشاف 3/513.
[50719]:بالمعنى من البحر المحيط 8/49، وباللفظ من الدر المصون 4/840.
[50720]:عجز بيت من الوافر لعمرو بن معد يكرب وصدره: وخيل قد دلفت لها بخيل والخيل: الفرسان، ودلفت: زحفت، ووجيع موجع. يقول: إذا تلاقوا في الحرب جعلوا الضرب الوجيع بدلا من تحية بعضهم البعض والشاهد: جعل الضرب تحية على الاتساع والمجاز، وانظر الكتاب 2/323 و3/50 والتصريح 1/353 وابن يعيش 2/80 والخصائص 4/35 والرازي 27/270.