لا يقضي عليهم : لا يحكم عليهم بموت ثان .
ثم بيّن حال الجاحدين الكافرين وما ينتظرهم من عذاب ، فقال : { والذين كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يقضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا } : هؤلاء الذين لم يؤمنوا واستمرّوا على عنادهم وجحودهم سيكون مقامُهم في نارِ جهنّم يعذَّبون فيها لا يموتون ، ولا يخفف عنهم العذاب .
{ كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ } : هذا جزاء كل من يكفر .
قرأ أبو عمرو وحده : { كذلك يجزي كل كفور } بضم الياء وفتح الزاي ، والباقون : { نجزي } بفتح النون وكسر الزاي .
قوله تعالى : " والذين كفروا لهم نار جهنم " لما ذكر أهل الجنة وأحوالهم ومقالتهم ، ذكر أهل النار وأحوالهم ومقالتهم . " لا يقضى عليهم فيموتوا " مثل : " لا يموت فيها ولا يحيا " {[13162]} [ الأعلى : 13 ] . " ولا يخفف عنهم من عذابها " مثل : " كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب " {[13163]} [ النساء : 56 ] . " كذلك نجزي كل كفور " أي كافر بالله ورسوله . وقرأ الحسن " فيموتون " بالنون ، ولا يكون للنفي حينئذ جواب ، ويكون " فيموتون " عطفا على " يقضى " تقديره لا يقضى عليهم ولا يموتون ، كقوله تعالى : " ولا يؤذن لهم فيعتذرون " {[13164]} [ المرسلات : 36 ] . قال الكسائي : " ولا يؤذن لهم فيعتذرون " بالنون في المصحف لأنه رأس آية " لا يقضى عليهم فيموتوا " لأنه ليس رأس آية . ويجوز في كل واحد منهما ما جاز في صاحبه .
ولما بيّن ما هم فيه من النعمة ، بيّن ما لأعدائهم من النقمة ، زيادة في سرورهم بما قاسوه في الدنيا من تكبرهم عليهم وفجورهم فقال : { والذين كفروا } أي ستروا ما دلت عليه عقولهم من شموس الآيات وأنوار الدلالات { لهم نار جهنم } أي بما تجهموا أولياء الله الدعاء إليهم . ولما كانت عادة النار إهلاك من دخلها بسرعة ، بيّن أن حالها على غير ذلك زيادة في نكالهم وسوء مآلهم فقال مستأنفاً : { لا يقضى } أي لا يحكم وينفذ ويثبت من حاكم ما { عليهم } أي بموت { فيموتوا } أي فيتسبب عن القضاء موتهم ، وإذا راجعت ما مضى في سورة سبحان من قوله
{ فلا يملكون كشف الضر عنكم }[ الإسراء : 56 ] وما يأتي إن شاء الله تعالى في المرسلات من قوله :
{ ولا يؤذن لهم فيعتذرون }[ المرسلات : 36 ] علمت سر وجوب النصب هنا لأنه لو رفع لكان المعنى أن موتهم ينبغي إن قضي عليهم أو لم يقض ، وذلك محال .
ولما كانت الشدائد في الدنيا تنفرج وإن طال أمدها قال : { ولا يخفف عنهم } وأعرق في النفي بقوله : { من عذابها } أي جهنم . ولما كان ربما توهم متوهم أن هذا العذاب خاص بالذين كانوا في عصره صلى الله عليه وسلم من الكفار قال : { كذلك } أي مثل هذا الجزاء العظيم { نجزي } أي بما لنا من العظمة - على قراءة الجماعة بالنون { كل كفور * } أي به صلى الله عليه وسلم أو بغيره من الأنبياء عليهم السلام وإن لم نره ، لأن ثبوت المعجزة يستوي فيها المسع والبصر ، وبنى أبو عمرو الفعل للمفعول إشارة إلى سهولته وتيسره ورفع { كل } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.