تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ مِن فَضۡلِهِۦ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٞ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٞ} (35)

دار المقام : دار الإقامة دار الخلود ، وهي الجنة .

النصَب : التعب .

اللغوب : الفتور والكلل .

أنزَلَنا دار النعيم الدائم من فضله لا يصيبنا فيه تعبٌ ولا يمسّنا فيها إعياءٌ ولا فتور .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ مِن فَضۡلِهِۦ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٞ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٞ} (35)

قوله تعالى : " وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن " قال أبو ثابت : دخل رجل المسجد . فقال اللهم ارحم غربتي وآنس وحدتي ويسر لي جليسا صالحا . فقال أبو الدرداء : لئن كنت صادقا فلأنا أسعد بذلك منك ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات " قال فيجيء هذا السابق فيدخل الجنة بغير حساب ، وأما المقتصد فيحاسب حسابا يسيرا ، وأما الظالم لنفسه فيحبس في المقام ويوبخ ويقرع ثم يدخل الجنة فهم الذين قالوا : " الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور " وفي لفظ آخر وأما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك يحبسون في طول المحشر ثم هم الذين يتلقاهم{[13160]} الله برحمته فهم الذين يقولون " الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور إلى قوله " ولا يمسنا فيها لغوب " . وقيل : هو الذي يؤخذ منه في مقامه ، يعني يكفر عنه بما يصيبه من الهم والحزن ، ومنه قوله تعالى " من يعمل سوءا يجز به " {[13161]} [ النساء : 123 ] يعني في الدنيا . قال الثعلبي : وهذا التأويل أشبه بالظاهر ؛ لأنه قال : " جنات عدن يدخلونها " ، ولقوله : " الذين اصطفينا من عبادنا " والكافر والمنافق لم يصطفوا .

قلت : وهذا هو الصحيح ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ، ريحها وطيب وطعمها مر . فأخبر أن المنافق يقرؤه ، وأخبر الحق سبحانه وتعالى أن المنافق في الدرك الأسفل من النار ، وكثير من الكفار واليهود والنصارى يقرؤونه في زماننا هذا . وقال مالك : قد يقر القرآن من لا خير فيه . والنصب : التعب . واللغوب : الإعياء


[13160]:كذا في ش و ح. وفي ب. و ك:" يتلافاهم".
[13161]:راجع ج 5 ص 396.

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ مِن فَضۡلِهِۦ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٞ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٞ} (35)

ثم وصفوه بما هو شكر له فقالوا : { الذي أحلنا دار المقامة } أي الإقامة ومكانها وزمانها التي لا يريد النازل بها على كثرة النازلين بها - ارتحالاً منها ، ولا يراد به ذلك ، ولا شيء فيها يزول فيؤسف عليه .

وكان المالك المطلق لا يجب عليه شيء ولا استحقاق لمملوكه عليه بوجه قال : { من فضله } أي بلا عمل منا فإن حسناتنا إنما كانت منّاً منه سبحانه ، لو لم يبعثنا عليها وييسرها لنا لما كانت .

ولما تذكروا ما شاهدوه في عرصات القيامة من تلك الكروب والأهوال ، والأنكاد والأثقال ، التي أشار إليها قوله تعالى : { وإن تدع مثقلة إلى حملها } الآية ، استأنفوا قولهم في وصف دار القرار : { لا يمسنا } أي في وقت من الأوقات { فيها نصيب } أي نصب بدن ولا وجع ولا شيء { ولا يمسنا فيها لغوب * } أي كلال وتعب وإعياء وفتور نفس من شيء من الأشياء ، قال أبو حيان : وهو لازم من تعب البدن . فهي الجديرة لعمري بأن يقال فيها :

علينا لا تنزل الأحزان ساحتها *** لو مسها حجر مسته سراء