تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَيَبۡسُطُهُۥ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ يَشَآءُ وَيَجۡعَلُهُۥ كِسَفٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦۖ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (48)

فتثير : تحرك .

فيبسطه : فينشره .

كسفا : قطعا .

الودق : المطر .

من خلاله : من بينه من بين السحاب .

إن الله تعالى يرسل الريح فتحرك السحاب فينشره الله في السماء ، حتى إذا تكاثف وبرد الجو أنزل الله المطر في المكان الذي يريده من الأرض ، فيبشر الناس بالخصب .

قراءات :

قرأ ابن عامر : { ويجعله كِسْفا } بسكون السين ، والباقون : { كِسَفا } بفتحها .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَيَبۡسُطُهُۥ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ يَشَآءُ وَيَجۡعَلُهُۥ كِسَفٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦۖ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (48)

{ 48 - 50 } { اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

يخبر تعالى عن كمال قدرته وتمام نعمته أنه { يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا } من الأرض ، { فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ } أي : يمده ويوسعه { كَيْفَ يَشَاءُ } أي : على أي حالة أرادها من ذلك ثم { يَجْعَلُهُ } أي : ذلك السحاب الواسع { كِسَفًا } أي : سحابا ثخينا قد طبق بعضه فوق بعض .

{ فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ } أي : السحاب نقطا صغارا متفرقة ، لا تنزل جميعا فتفسد ما أتت عليه .

{ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ } بذلك المطر { مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } يبشر بعضهم بعضا بنزوله وذلك لشدة حاجتهم وضرورتهم إليه فلهذا قال : { وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ } .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَيَبۡسُطُهُۥ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ يَشَآءُ وَيَجۡعَلُهُۥ كِسَفٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦۖ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (48)

قوله تعالى : { اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ( 48 ) وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ ( 49 ) فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 50 ) وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ } .

هذا إخبار من الله عن بالغ قدرته على خَلق ما يشاء ؛ فهو جل وعلا خالق كل شيء وهو مدبر الأمور في الكون كله . ومن جملة ذلك إنزال المطر من السماء عقب مراحل متتالية في الطبيعة يأتي بعضها إثر بعض وذلك بدءا يتصاعد البخار من ماء الأرض وظهوره في السماء ليلامس في الفضاء طبقات باردة مما يفضي إلى تكثفه ونزوله على الأرض ثانية مطرا . لا جرم أن الآية الكريمة ههنا ؛ إذ تنبئ قبل أدهار طويلة عن ظاهرة المطر وكيفية نزوله ، لهي دليل ظاهر ساطع على أن هذا القرآن يسمو على مستوى البشر وهو من صنع إله قادر حكيم ، إذ خاطب البشرية بهذه الحقيقة قبل أحقاب غابرة ، حينما كانت معارف الناس عن الطبيعة وأحداثها في غاية البساطة والبدائية . وذلك هو قوله : { اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا } إرسال الرياح إنما يقع بقدرة الله ومشيئته . فما من شيء في الطبيعة والكون إلا وتُسيره إرادة الله الخالق المدبّر . والرياح من شأنها أن تثير السحاب ؛ أي تهيجه وتنشره في طبقات السماء{[3619]}على أبعاد مختلفة متفاوتة . والسحاب والسحب والسحائب ، جمع ومفرده سحابة وهي الغيم{[3620]} .

قوله : { فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء } البسط ، معناه النشر{[3621]} فالله عز وجلا يسخر الرياح لتحمل في خلالها الغيم ، وهو المكون من ذرات الماء ، فتنشره في السماء متفرقا ممتدا تبعا لما تقتضيه مشيئة الله ، فإن شاء جعله قريبا أو بعيدا ، وإن شاء جعله كثيرا أو قليلا .

قوله : { وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا } أي يجعل الغيم في السماء قطعا متفرقة .

قوله : { فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ } { الْوَدْقَ } ، معناه المطر{[3622]} أي يخرج المطر من خلال السحاب وهو الغيم فينزل على الأرض { فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } أي إذا صرف الله هذا المطر إلى أرض أو بلد من البلاد استبشر أهله بذلك ، وعمتهم الفرحة والبشرى .


[3619]:مختار الصحاح ص 89، وأساس البلاغة ص 79.
[3620]:نفس المصدر السابق.
[3621]:أساس البلاغة ص 39.
[3622]:أساس البلاغة ص 670.