فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَيَبۡسُطُهُۥ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ يَشَآءُ وَيَجۡعَلُهُۥ كِسَفٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦۖ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (48)

{ الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون } بعد بيان بعض آثار الرياح في البر والبحر جملة في الآية السادسة والأربعين من هذه السورة بينت هذه الآية المباركة كيف يسخر الله تعالى الرياح ويسير بها ما به حياة العباد والبلاد ، ينشر به الأرض الهامدة الجامدة ، فتهتز وتربو ، وينبت الحب والنخيل والأعناب والزرع البهيج ، ويسقي به سبحانه مما خلق أنعاما وأناسي كثيرا ، إن في ذلك لعبرة ، وطائفة من برهان القدرة ، ذرات دقيقة يسيرة ، يجمعها اللطيف الخبير ، ثم يصرف السحاب المسخر بين السماء والأرض إلى حيث يريد ، يملأ به الآفاق على سمت السماء ، أو يجعله قطعا{[3381]} هدي كل منها إلى ما تتحقق به المشيئة المهيمنة ، - والكسف : جمع كسفة أي قطعة- فترى قطرات الغيث تتحدر من هذا السحاب- والودق : القطر والمطر- فإذا ساق الله الحياة ونشر رحمته على بلد عمهم البشر ، وانكشف عنهم القحط والجدب والضر


[3381]:واللفظ محتمل أن تكون بعض قطع السحاب مكمل البعض الآخر، ولكل ما يخصه فحين تجمع الريح المسخرة طائفة من كل يتساقط الغيث، وربما يفهم ذلك من قول الله العلي الحكيم:)وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين)سورة الحجر الآية 22. وربما يكون قول القائلين بأن السحاب منه موجب وسالب، فإذا التقيا كان الغوث والسقيا.