فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَيَبۡسُطُهُۥ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ يَشَآءُ وَيَجۡعَلُهُۥ كِسَفٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦۖ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (48)

{ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ( 48 ) وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ ( 49 ) فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 50 ) وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ ( 51 ) }

{ الله الذي يرسل الرياح } قرئ بالجمع والإفراد ، قال أبو عمرو : كل ما كان بمعنى الرحمة فهو جمع ، وما كان بمعنى العذاب فهو موحد ، وهي مسوقة لبيان ما سبق من أحوال الرياح { فتثير سحابا } أي تزعجه وتهيجه وتحركه .

{ فيبسطه } أي ينشره متصلا بعضه ببعض ، أي ينشره كمال الانتشار وإلا فأصل الانتشار موجود في السحاب دائما { في السماء } أي في سمت السماء ، وجهتها وشقها ، كقوله : وفرعها في السماء ، أي : في وجهة العلو ، وليس المراد حقيقة السماء المعروفة { كيف يشاء } تارة سائرا ، وتارة واقفا ، وتارة مطبقا ، وتارة غير مطبق ؛ وتارة إلى مسافة بعيدة وتارة إلى مسافة قريبة ، وتارة من ناحية الشمال ، وتارة من ناحية الجنوب أو الدبور أو الصبا وقد تقدم تفسير هذه الآية في البقرة وفي سورة النور .

{ ويجعله كسفا } تارة أخرى ، أو يجعله بعد بسطه قطعا متفرقة بعضها فوق بعض ، والكسف جمع كسفة بالكسر : وهي القطعة من الشيء أو السحاب وقرئ بفتح السين وسكونها ، والمسكن مخفف من المحرك بمعنى ، والقراءتان سبعيتان ، وجمع الجمع : أكساف وكسوف . وكسفه يكسفه : قطعه { فترى الودق } أي المطر { يخرج من خلاله } أي : من بينه ووسطه .

{ فإذا أصاب به } أي بالودق { من يشاء من عباده } أي : بلادهم وأرضهم { إذا هم يستبشرون } إذا هي الفجائية أي : فاجأوا الاستبشار بمجيء المطر والخصب ، والاستبشار : والفرح .