الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرۡسِلُ ٱلرِّيَٰحَ فَتُثِيرُ سَحَابٗا فَيَبۡسُطُهُۥ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيۡفَ يَشَآءُ وَيَجۡعَلُهُۥ كِسَفٗا فَتَرَى ٱلۡوَدۡقَ يَخۡرُجُ مِنۡ خِلَٰلِهِۦۖ فَإِذَآ أَصَابَ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (48)

ثم قال تعالى : { الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا } أي : ينشئ الرياح سحابا ، { فيبسطه في السماء كيف يشاء } ويجمعه .

قال قتادة : يبسطه : يجمعه{[54814]} .

ثم قال تعالى : { ويجعله كسفا } أي : ويجعل الله السحاب في السماء قطعا متفرقة وهو جمع كسفة ، وهي : القطعة منه{[54815]} .

ومن أسكن السين{[54816]} فمعناه : أنه يجعل السحاب قطعة واحدة ملتئمة .

ويجوز أن يكون معناه كالأول على التخفيف .

ثم قال تعالى : { فترى الودق يخرج من خلاله } أي : المطر يخرج من بين السحاب . قال عبيد بن عمير{[54817]} : الرياح أربع : يبعث الله جل ذكره ريحا فتعم الأرض قما{[54818]}ثم يبعث الريح الثانية فتثير سحابا فتجعله كسفا ، أي : قطعا متفرقة ، ثم يبعث الريح الثالثة فتؤلف بينه فتجعله ركاما ، ثم يبعث الرابعة فتمطر{[54819]} .

ومعنى { من خلاله } : من خلال{[54820]} الكسفة ، لأن كل جمع بينه وبين واحده الهاء فالتذكير فيه حسن .

وخلال جمع خلل .

وقد قرأ الضحاك : " يخرج من خلاله " {[54821]} .

ثم قال تعالى : { فإذا أصاب به { أي : بالمطر { من يشاء } أي : أرض من يشاء عباده استبشروا وفرحوا .


[54814]:انظر: جامع البيان 21/654، والدر المنثور 6/499
[54815]:قال الراغب في المفردات 431: "والكسفة قطعة من السحاب"
[54816]:قراءة "كسفا" بتسكين السين هي لابن عامر انظر: السبعة لابن مجاهد 508، والحجة لأبي زرعة 560، والتيسير للداني 175
[54817]:هو عبيد بن عمير بن قتادة، أبو عاصم الليثي المكي، القاضي روى عن عمر بن الخطاب وأبي بن كعب وروى عنه مجاهد وعطاء انظر: حلية الأولياء 3/266، 242، والاستيعاب 3/1018، 1736 وتذكرة الحفاظ 1/50
[54818]:جاء في اللسان مادة "قمم" 12/493، القم: ما يقم من قمامات القماش ويكنس، والقمامة: الكناسة ولعل المقصود بالقم في النص الغبار.
[54819]:انظر: جامع البيان 21/54
[54820]:خلل السحاب وخلاله: مخارج الماء منه. انظر: اللسان 11/213، مادة "خلل"
[54821]:انظر: المحتسب لابن جني 2/164، وإعراب النحاس 3/277، والجامع للقرطبي 14/44، وفتح القدير 4/231، وقد عزا ابن جني هذه القراءة أيضا إلى ابن عباس وأبي العالية والحسن.