سورة الانشقاق مكية ، وآياتها خمس وعشرون ، نزلت بعد سورة الانفطار .
وتبدأ هذه السورة الكريمة بذكر بعض أشراط الساعة ، وخضوع الأرض والسماء لتصريفه تعالى ، كما في سورة النبأ والتكوير والانفطار ، لكنها تعرضها بتوسع وقوة ، وفي طابع خاص ، هو طابع الاستسلام لله . ففي مطلعها الخاشع الجليل تمهيد لخطاب الإنسان ، وإلقاء الخشوع في قلبه لربه ، لأنه مسوق إليه ، وعمله مسجل في كتاب سيلقاه يوم القيامة . فمن أخذه باليمين كان حسابه يسيرا ، ومن أخذه من وراء ظهره استجار من لقاء العذاب ودخول النار . ثم يأتي القسَم بظواهر من آيات الله تشهد بقدرته وتدعو الإنسان إلى الإيمان .
ثم ختمت السورة بتهديد الكافرين أن الله يعلم ما يُضمرون ، وأنه أعدّ لهم العذاب الأليم ، كما أعدّ للمؤمنين الأجر الدائم الذي لا ينقطع .
وسورة الانشقاق هادئة الإيقاع ، جليلة الإيحاء ، فيها لهجة التبصير المشفق الرحيم ، في راحة ويسر . وفي إيحاء هادئ عميق ، تطوف بالقلب البشري في مجالات كونية وإنسانية في آيات معدودة ، لا تتجاوز عدة أسطر . . وهذا ما
بين الله تعالى في مطلع هذه السورة الكريمة أهوالَ يوم القيامة ، في آيات موجَزة هي من عجائب إيجازِ القرآن وبلاغته ، وذَكَر أن ما يقع بين يدي الساعة من كوارث وأهوالٍ تُشِيبُ الوِلدان ، ويفزع لها الإنسان . فمنها :
{ 1 - 15 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ * بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا }
يقول تعالى مبينًا لما يكون في يوم القيامة من تغير الأجرام العظام : { إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } أي : انفطرت وتمايز بعضها من بعض ، وانتثرت نجومها ، وخسف بشمسها وقمرها .
هذه السورة مكية ، وآياتها خمس وعشرون . وهي مبدوءة بالحديث عن أخبار القيامة وما يقع فيها من شديد النوازل والبلايا . على أن الحديث عن أخبار القيامة قد احتل شطرا كبيرا من آيات الكتاب الحكيم . ولا عجب فإن القايمة مرعبة مخوفة . وفيها من عظيم الأهوال والشدائد والفظائع ما يفوق كل تصور ، وما يشده البال ويستنفر الخيال . فضلا عن كثرة الزائغين عن السبيل المستقيم ، المكذبين بهذا اليوم الحافل المشهود . فلا جرم أن ذلك يقتضي إكثارا من التحذير مما يجده المكذبون الجاحدون يوم القيامة من ألوان الهوان والتنكيل .
{ إذا السماء انشقت 1 وأذنت لربها وحقّت 2 وإذا الأرض مدّت 3 وألقت ما فيها وتخلّت 4 وأذنت لربها وحقت 5 ياأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه 6 فأما من أوتي كتابه بيمينه 7 فسوف يحاسب حسابا يسيرا 8 وينقلب إلى أهله مسرورا 9 وأما من أوتي كتابه وراء ظهره 10 فسوف يدعوا ثبورا 11 ويصلى سعيرا 12 إنه كان في أهله مسرورا 13 إنه ظن أن لن يحور 14 بلى إن ربه كان به بصيرا } .
ذلك إخبار من الله عن أحداث الساعة وعما يجري فيها من وقائع كونية تتغير فيها ملامح الوجود وتضطرب من شدتها أحوال الخلائق كافة . فيقول سبحانه : { إذا السماء انشقت } يعني إذا تصدعت السماء وتقطعت . وجواب الشرط محذوف وتقديره : بعثتم{[4787]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.