ومن قُدر عليه رزقُه : ومن كان رزقه قليلا ، يعني فقير الحال .
فلْيُنفِقْ مما آتاه الله : ينفق بقدر ما عنده .
ثم بين الله تعالى مقدار الإنفاق وكيفيته بحسب طاقة كل أب فقال :
{ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ الله } .
هذا هو مبدأ الإسلام العظيم : اليسر والتعاون والعدل . . على كل إنسان أن ينفق بقدر طاقته وحسب مقدرته ، فمن وسّع الله عليه الرزق فلينفقْ عن سعة في السكن والنفقة وأجر الرضاع ، ومن كان رزقه ضيقا فلا حرج عليه ، فلينفق بقدر ما يستطيع .
هذه هي القاعدة الذهبية في المجتمع الإسلامي العظيم . وكما جاء في قوله تعالى : { لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } [ البقرة : 286 ] آخر سورة البقرة .
ثم جاء في تعبير لطيف بين فيه أن الأرزاق تتحول من عسر إلى يسر ، وأن اليسر دائماً مأمول فلا تخافوا ولا تضيِّقوا على أنفسكم فقال :
{ سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } .
إن الله تعالى سيجعل من بعد الشدة رخاء ، ومن بعد الضيق فرجا ، فكونوا دائما مؤملين للخير ، فالدنيا لا تدوم على حال . { فَإِنَّ مَعَ العسر يُسْراً إِنَّ مَعَ العسر يُسْراً } [ الشرح : 5-6 ] ولن يغلب عسر يسرَين . وإنها لبشارة للناس ، ولمسة فرج ، وإفساح رجاء للمطلِّق والمطلقة وللناس جميعا .
{ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ } أي : لينفق الغني من غناه ، فلا ينفق نفقة الفقراء .
{ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ } أي : ضيق عليه { فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ } من الرزق .
{ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا } وهذا مناسب للحكمة والرحمة الإلهية حيث جعل كلا بحسبه ، وخفف عن المعسر ، وأنه لا يكلفه إلا ما آتاه ، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها ، في باب النفقة وغيرها . { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا } وهذه بشارة للمعسرين ، أن الله تعالى سيزيل عنهم الشدة ، ويرفع عنهم المشقة ، { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا }
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اللّهُ": يقول تعالى ذكره: لينفق الذي بانت منه امرأته إذا كان ذا سعة من المال، وغني من سعة ماله وغناه على امرأته البائنة في أجر رضاع ولده منها، وعلى ولده الصغير.
"وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ "يقول: ومن ضيق عليه رزقه فلم يوسع عليه، فلينفق مما أعطاه الله على قدر ماله، وما أعطى منه...
وقوله: "لا يُكَلّفُ اللّهُ نَفْسا إلاّ ما آتاها" يقول: لا يكلف الله أحدا من النفقة على من تلزمه نفقته بالقرابة والرحم إلا ما أعطاه، إن كان ذا سعة فمن سعته، وإن كان مقدورا عليه رزقه فمما رزقه الله على قدر طاقته، لا يُكلف الفقير نفقة الغنيّ، ولا أحدَ من خلقه إلا فرضه الذي أوجبه عليه...
يقول تعالى ذكره: "سَيَجْعَل اللّهُ" للمقلّ من المال المقدور عليه رزقه "بَعْدَ عُسْر يُسْرا" يقول: من بعد شدّة رخاء، ومن بعد ضيق سعة، ومن بعد فقر غنى.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها} فهو يدل على أن العباد ما اكتسبوا من الأموال، فهي كلها مما آتاهم الله تعالى...
يجوز أن يكون قوله: {سيجعل الله بعد عسر يسرا} وعدا لجميع الأمة: أن من ابتلي بالعسر يتبعه اليسر. ويجوز أن يكون خطابا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كانوا في عسر وضيق عيش، فوعدهم الله بعد ذلك العسر الذي كانوا فيه يسرا. وقد أنجز الله تعالى الوعد حيث فتح لهم الفتوح، ونصرهم على أعدائهم وغنموا أموالهم، والله أعلم...
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
إذا اتسع رزقُ العبد فعلى قَدْرِ المُكنَةِ يُطَالَبُ بالإعطاء والنفقة فمن قدر عليه رزقه -أي ضيِّق- فلينفق مما آتاه الله...
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
ثم حض تعالى أهل الجدة على الإنفاق وأهل الإقتار على التوسط بقدر حاله. وهذا هو العدل بينهم لئلا تضيع هي ولا يكلف هو ما لا يطيق...
ثم رجى تعالى باليسر تسهيلاً على النفوس وتطييباً لها...
أحكام القرآن لابن العربي 543 هـ :
قَوْله تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ من سَعَتِهِ}: هَذَا يُفِيدُ أَنَّ النَّفَقَةَ لَيْسَتْ مُقَدَّرَةً شَرْعًا، وَإِنَّمَا تَتَقَدَّرُ عَادَةً بِحَسَبِ الْحَالَةِ من الْمُنْفِقِ وَالْحَالَةُ من الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ، فَتُقَدَّرُ بِالِاجْتِهَادِ عَلَى مَجْرَى الْعَادَةِ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{لينفق ذو سعة} أي مال واسع ولم يكلفه سبحانه جميع وسعه بل قال: {من سعته} التي أوسعها الله عليه. ولما كان الإعطاء من غير تقدير ملزوماً للسعة، كان التقدير كناية عن الضيق فقال: {ومن قدر} أي ضيق وسكنت عليه حركته ورقدت عنه معيشته {عليه رزقه} بأن جعله الله الذي لا يقدر على التضييق والتوسيع غيره بقدر ضرورياته فقط من غير وسع لشيء غيرها لأمر من الأمور التي يظهر الله بها عجز العباد رحمة لهم ليهذب به نفوسهم، وبناه للمفعول تعليماً للأدب معه سبحانه وتعالى: {فلينفق} أي وجوباً على المرضع وغيرها من كل ما أوجبه الله عليه أو ندبه إليه، وبشر سبحانه وتعالى بأنه لا يخلي أحداً من شيء يقوم به ما دام حياً بقوله مشيراً بالتبعيض إلى أن ما أوجبه سبحانه لا يستغرق ما وهبه: {مما آتاه الله} أي الملك الذي لا ينفذ ما عنده ولا حد لجوده... ولما كان تعالى له التكليف بما لا يطاق، أخبر بأنه رحم العباد بأنه لا يفعله، فقال معللاً أو مستأنفاً جواباً لمن يقول: فما يفعل من لم يكن له موجود أصلاً، محبباً في دينه صلى الله عليه وسلم مما فيه من اليسر: {لا يكلف الله} أي الذي له الكمال بأوصاف الرحمة والإنعام علينا بالتخفيف {نفساً} أي نفس كانت {إلا ما آتاها} وربما أفهم، أن من كلف إنفاقاً وجد من فضل ما عنده ما يسده من الأثاث الفاضل عن سد جوعته وستر عورته. ولما كان التذكير بالإعدام ربما أوجع، قال تعالى جابراً له وتطبيباً لقلبه نادباً إلى الإيمان بالغيب: {سيجعل الله} أي الملك الذي له الكمال كله فلا خلف لوعده، ونزع الجار زيادة في الخبر فقال: {بعد عسر} أي من الأمور التي تعسرت لا أنه يجعل ذلك بعد كل عسر {يسراً} أي لا بد من ذلك ولا يوجد أحد يستمر التقتير عليه طول عمره في جميع أحواله...
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :
{لاَ يُكَلّفُ الله نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا} جَلَّ أو قَلَّ فإنَّه تعالَى لا يكلفُ نفساً إلا وُسعَها وفيهِ تطييبٌ لقلبِ المُعسرِ وترغيبٌ لهُ في بذلِ مجهودِهِ وقد أُكِّدَ ذلكَ بالوعدِ حيثُ قيلَ {سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} أي عاجلاً أو آجلاً...
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :
{سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً} موعد لفقراء ذلك الوقت بفتح أبواب الرزق عليهم، أو لفقراء الأزواج إن أنفقوا ما قدروا عليه ولم يقصروا، وهو على الوجهين تذييل إلا أنه على الأول مستقل، وعلى الثاني غير مستقل...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ثم يفصل الأمر في قدر النفقة. فهو اليسر والتعاون والعدل. لا يجور هو، ولا تتعنت هي. فمن وسع الله عليه رزقه فلينفق عن سعة. سواء في السكن أو في نفقة المعيشة أو في أجر الرضاعة. ومن ضيق عليه في الرزق، فليس عليه من حرج، فالله لا يطالب أحدا أن ينفق إلا في حدود ما آتاه. فهو المعطي، ولا يملك أحد أن يحصل على غير ما أعطاه الله. فليس هناك مصدر آخر للعطاء غير هذا المصدر، وليست هناك خزانة غير هذه الخزانة: (لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها).. ثم لمسة الإرضاء، وإفساح الرجاء، للاثنين على السواء: (سيجعل الله بعد عسر يسرا).. فالأمر منوط بالله في الفرج بعد الضيق، واليسر بعد العسر. فأولى لهما إذن أن يعقدا به الأمر كله، وأن يتجها إليه بالأمر كله...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
ومعنى {قدر عليه رزقه} جعل رزقه مقدوراً، أي محدوداً بقدر معين وذلك كناية عن التضييق...
وجملة {لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها} تعليل لقوله: {ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله}...
والمقصود منه إقناع المنفَق عليه بأن لا يطلب من المنفِق أكثر من مقدُرته...
و {مما آتاه الله} يشمل المقدرة على الاكتساب فإذا كان مَن يجب عليه الإِنفاق قادراً على الاكتساب لِينفق من يجب عليه إنفاقه أو ليكمِّل له ما ضاق عنه ماله، يجبر على الاكتساب. وأما من لا قدرة له على الاكتساب وليس له ما ينفق منه فنفقته أو نفقة من يجب عليه إنفاقُه على مراتبها تكون على بيت مال المسلمين...
{سيجعل الله بعد عسر يسراً}... معناه: عسى أن يجعل الله بعد عُسركم يُسراً لكم فإن الله يجعل بعد عسر يسراً. وهذا الخبر لا يقتضي إلا أنّ من تصرفات الله أن يجعل بعد عسر قوم يسراً لهم، فمن كان في عسر رجَا أن يكون ممن يشمله فضل الله، فيبدل عسره باليسر. وليس في هذا الخبر وعْد لكل معسر بأن يصير عُسره يُسراً...
ومن بلاغة القرآن الإِتيان ب (عسر ويسراً) نكرتين غير معرفين باللام لئلا يتوهم من التعريف معنى الاستغراق كما في قوله: {فإن مع العسر يسراً...
{ لينفق ذو سعة من سعته } أمر أهل التوسعة أن يوسعوا على نسائهم المرضعات أولادهن { ومن قدر عليه رزقه } من كان رزقه بمقدار القوت { فلينفق } على قدر ذلك { لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها } أعطاها { سيجعل الله بعد عسر يسرا } أعلم الله تعالى المؤمنين أنهم وان كانوا في حال ضيقة سيوسرهم ويفتح عليهم وكان الغالب عليهم في ذلك الوقت الفقر والفاقة ثم فتح الله عليهم وجاءهم باليسر
الأولى- قوله تعالى : " لينفق " أي لينفق الزوج على زوجته وعلى ولده الصغير على قدر وسعه حتى يوسع عليهما إذا كان موسعا عليه . ومن كان فقيرا فعلى قدر ذلك . فتقدر النفقة بحسب الحالة من المنفق والحاجة من المنفق عليه بالاجتهاد على مجرى حياة العادة ، فينظر المفتي إلى قدر حاجة المنفق ، عليه ثم ينظر إلى حالة المنفق ، فإن احتملت الحالة أمضاها عليه ، فإن اقتصرت حالته على حاجة المنفق عليه ردها إلى قدر احتماله . وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه وأصحابه : النفقة مقدرة محددة ، ولا اجتهاد لحاكم ولا لمفت فيها . وتقديرها هو بحال الزوج وحده من يسره وعسره ، ولا يعتبر بحالها وكفايتها . قالوا : فيجب لابنة الخليفة ما يجب لابنة الحارس . فإن كان الزوج موسرا لزمه مدان ، وإن كان متوسطا فمد ونصف ، وإن كان معسرا فمد . واستدلوا بقوله تعالى : " لينفق ذو سعة من سعته " الآية . فجعل الاعتبار بالزوج في اليسر والعسر دونها ، ولأن الاعتبار بكفايتها لا سبيل إلى علمه للحاكم ولا لغيره ، فيؤدي إلى الخصومة ؛ لأن الزوج يدعي أنها تلتمس فوق كفايتها ، وهي تزعم أن الذي تطلب قدر كفايتها ، فجعلناها مقدرة قطعا للخصومة . والأصل في هذا عندهم قوله تعالى : " لينفق ذو سعة من سعته " - كما ذكرنا - وقوله : " على الموسع قدره وعلى المقتر قدره " [ البقرة : 236 ] . والجواب أن هذه الآية لا تعطي أكثر من فرق بين نفقة الغني والفقير ، وإنها تختلف بعسر الزوج ويسره . وهذا مسلم . فأما إنه لا اعتبار بحال الزوجة على وجهه فليس فيه ، وقد قال الله تعالى : " وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف{[15103]} " [ البقرة : 233 ] وذلك يقتضي تعلق المعروف في حقهما ؛ لأنه لم يخص في ذلك واحدا منهما . وليس من المعروف أن يكون كفاية الغنية مثل نفقة الفقيرة ؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهند : ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) . فأحالها على الكفاية حين علم السعة من حال أبي سفيان الواجب عليه بطلبها ، ولم يقل لها لا اعتبار بكفايتك وأن الواجب لك شيء مقدر ، بل ردها إلى ما يعلمه من قدر كفايتها ولم يعلقه بمقدار معلوم . ثم ما ذكروه من التحديد يحتاج إلى توقيف ، والآية لا تقتضيه .
الثانية- روي أن عمر رضي الله عنه فرض للمنفوس مائة درهم ، وفرض له عثمان خمسين درهما . ابن العربي : " واحتمل أن يكون هذا الاختلاف بحسب اختلاف السنين أو بحسب حال القدر في التسعير لثمن القوت والملبس ، وقد روي محمد بن هلال المزني قال : حدثني أبي وجدتي أنها كانت ترد على عثمان ففقدها فقال لأهله : ما لي لا أرى فلانة ؟ فقالت امرأته : يا أمير المؤمنين ، ولدت الليلة ، فبعث إليها بخمسين درهما وشُقَيْقَة سُنْبُلاَنِيَة{[15104]} . ثم قال : هذا عطاء ابنك وهذه كسوته ، فإذا مرت له سنة رفعناه إلى مائة . وقد أتي علي رضي الله عنه بمنبوذ{[15105]} ففرض له مائة . قال ابن العربي : ( هذا الفرض قبل الفطام مما اختلف فيه العلماء ، فمنهم من رآه مستحبا ؛ لأنه داخل في حكم الآية ، ومنهم من رآه واجبا لما تجدد من حاجته وعرض من مؤنته ، وبه أقول . ولكن يختلف قدره بحاله عند الولادة وبحاله عند الفطام . وقد روي سفيان بن وهب أن عمر أخذ المد بيد والقسط بيد فقال : إني فرضت لكل نفس مسلمة في كل شهر مدي حنطة وقسطي خل وقسطي زيت . زاد غيره : وقال إنا قد أجرينا{[15106]} لكم أعطياتكم وأرزاقكم في كل شهر ، فمن انتقصها فعل الله به كذا وكذا ، فدعا عليه . قال أبو الدرداء : كم سنة راشدة مهدية قد سنها عمر رضي الله عنه في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ! والمد والقسط كيلان شاميان في الطعام والإدام ، وقد دُرِسا بعرف آخر . فأما المد فدُرِس إلى الكَيْلَجَة . وأما القسط فدُرِس إلى الكيل ، ولكن التقدير فيه عندنا ربعان في الطعام وثمنان في الإدام . وأما الكسوة فبقدر العادة قميص وسراويل وجبة في الشتاء وكساء وإزار وحصير . وهذا الأصل ، ويتزيد بحسب الأحوال والعادة " .
الثالثة- هذه الآية أصل في وجوب النفقة للولد على الوالد دون الأم ، خلافا لمحمد بن المواز يقول : إنها على الأبوين على قدر الميراث . ابن العربي : ولعل محمدا أراد أنها على الأم عند عدم الأب . وفي البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم ( تقول لك المرأة أنفق علي وإلا فطلقني ويقول لك العبد أنفق علي واستعملني ويقول لك ولدك أنفق علي إلى من تكلني ) فقد تعاضد القرآن والسنة وتواردا في شرعة واحدة .
الرابعة- قوله تعالى : " لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها " أي لا يكلف الفقير مثل ما يكلف الغني . " سيجعل الله بعد عسر يسرا " أي بعد الضيق غنى ، وبعد الشدة سعة .
قوله : { لينفق ذو سعة من سعته } يعني لينفق الزوج الذي بانت منه امرأته على أمرأته البائنة وعلى ولده منها إذا كان ذا سعة أو غنى من المال { ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله } يعني من ضيّق عليه رزقه فلم يوسّع عليه فلينفق على قدر طاقته مما أعطاه الله .
قوله : { لايكلف الله نفسا إلا ما آتاها } أي لا يكلف الله الزوج من الإنفاق إلا بحسب وسعه وطاقته { سيجعل الله بعد عسر يسرا } أي يغير الله من حال العسر إلى حال اليسر . أو سيجعل الله للمقلّ الذي قدر عليه رزقه بعد الشدة رخاء وبعد الضيق سعة وغنى{[4568]} .