مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لِيُنفِقۡ ذُو سَعَةٖ مِّن سَعَتِهِۦۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيۡهِ رِزۡقُهُۥ فَلۡيُنفِقۡ مِمَّآ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُۚ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَاۚ سَيَجۡعَلُ ٱللَّهُ بَعۡدَ عُسۡرٖ يُسۡرٗا} (7)

ثم بين قدر الإنفاق بقوله : { لينفق ذو سعة من سعته } أمر أهل التوسعة أن يوسعوا على نسائهم المرضعات على قدر سعتهم ومن كان رزقه بمقدار القوت فلينفق على مقدار ذلك ، ونظيره : { على الموسع قدره وعلى المقتر قدره } وقوله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها } أي ما أعطاها من الرزق ، قال السدي : لا يكلف الفقير مثل ما يكلف الغني ، وقوله : { سيجعل الله بعد عسر يسرا } أي بعد ضيق وشدة غنى وسعة ورخاء وكان الغالب في ذلك الوقت الفقر والفاقة ، فأعلمهم الله تعالى أن يجعل بعد عسر يسرا وهذا كالبشارة لهم بمطلوبهم ، ثم في الآية مباحث :

الأول : إذا قيل من في قوله : { من حيث سكنتم } ما هي ؟ نقول : هي التبعيضية أي بعض مكان سكناكم إن لم يكن [ لكم ] غير بيت واحد فأسكنوها في بعض جوانبه .

الثاني : ما موقع { من وجدكم } ؟ نقول : عطف بيان لقوله : { من حيث سكنتم } وتفسير له ، أي مكانا من مسكنكم على قدر طاقتكم .

الثالث : فإذا كانت كل مطلقة عندكم يجب لها النفقة ، فما فائدة الشرط في قوله تعالى : { وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن } نقول : فائدته أن مدة الحمل ربما طال وقتها ، فيظن أن النفقة تسقط إذا مضى مقدار مدة الحمل ، فنفى ذلك الظن .