تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لِيُنفِقۡ ذُو سَعَةٖ مِّن سَعَتِهِۦۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيۡهِ رِزۡقُهُۥ فَلۡيُنفِقۡ مِمَّآ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُۚ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَاۚ سَيَجۡعَلُ ٱللَّهُ بَعۡدَ عُسۡرٖ يُسۡرٗا} (7)

الآية 7 وقوله تعالى : { لينفق ذو سعة من سعته } أي من وسّع عليه في الرزق فلينفق نفقة واسعة { ومن قدر عليه رزقه } يعني ضيق عليه ، و{ قدر عليه } ههنا بمعنى ضيق عليه ، وهو كما قال : { فظن أن لن تقدر عليه } ( الأنبياء : 87 ) أي فظن أن لن نضيق عليه ، وكذلك : { الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } [ الرعد : 26و . . . ] يعني ويضيق عليه ، أي من ضيق عليه فلينفق نفقة صغيرة . فذلك قوله : { فلينفق مما آتاه الله } والله اعلم .

وقوله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها } فهو يدل على أن العباد ما اكتسبوا من الأموال ، فهي كلها مما آتاهم الله تعالى ، وأن لله تعالى في أفعال العباد وفي ما يكتسبونه من الأموال صنعا وتدبيرا ، لأنه لولا ذلك لكان يجوز أن يكلّفهم{[21510]} الله تعالى [ بالنفقة ] {[21511]} وإن لم يؤتها لهم إذا كان في قدرتهم{[21512]} أن يكتسبوا {[21513]}مما لم يؤتهم {[21514]}الله تعالى .

وقوله تعالى : { سيجعل الله بعد عسر يسرا } هذا دليل على أنه إذا عجز عن نفقة امرأته لم يفرق بينها وبينه ، لأنه إذا فرق بينهما لم تصل إلى زوج ينفق عليها للحال ، بل تحتاج فيه إلى انقضاء العدة .

وقد يتوهم في خلال ذلك أن يوسر الزوج لأن إنجاز وعد الله تعالى في اليسار بعد العسر أقرب من قدرتها [ على الحصول ]{[21515]} على زوج ، ينفق عليها . وليس هذه كالأمة ، لأنه إذا باع الأمة دخلت في ملك الآخر ، ينفق عليها ، والله أعلم .

ثم يجوز أن يكون قوله : { سيجعل الله بعد عسر يسرا } وعدا لجميع الأمة : أن من ابتلي بالعسر يتبعه اليسر .

ويجوز أن يكون خطابا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كانوا في عسر وضيق عيش ، فوعدهم الله بعد ذلك العسر الذي كانوا فيه يسرا .

وقد أنجز الله تعالى الوعد حيث فتح لهم الفتوح ، ونصرهم على أعدائهم وغنموا أموالهم ، والله أعلم .


[21510]:في الأصل وم: يكلفه.
[21511]:ساقطة من الأصل وم.
[21512]:في الأصل و م قدرته.
[21513]:في الأصل وم:يكتسب.
[21514]:في الأصل وم: يؤته.
[21515]:ساقطة من الأصل.وم